على مدى فترات متقطعة وخلال الأشهر الستة الماضية حضرت عدة مؤتمرات ومنتديات عقدت في الكويت حول مواضيع مختلفة بعضها تناقش البيئة وأخرى تضع الطفل محورا لها وأخرى تناقش الإعلام ورابعة تناقش قضايا المرأة وخامسة أمنية بعض تلك المؤتمرات كان محليا خالصا وبعضها كان يقام تحت مظلة منظمة خليجية، وهناك منتديات أقيمت بحضور أشقاء من أقطار عربية أخرى ومن بينها ما اصطبغ بالعالمية بحضور مستشار «أشقر وعيونه زرق».
بمراجعتي لذاكرتي وعلى عجالة محاولا استحضار ما وجدته عن تلك المؤتمرات وجدت أنها في محصلتها النهائية «صرف فلوس على الفاضي» أيا كانت الجهة الداعية، فأغلب تلك المؤتمرات وجدت أنها تخرج بتوصيات معدة سلفا ومنقولة عن مؤتمرات متشابهة ونسخ لحديث مكرر حول القضية محور المؤتمر، والأغرب أن المشاركين من ربعنا جل همهم واهتمامهم هو أن يستعرضوا ما لديهم فقط عبر وريقات يقرؤون ما تيسر لهم منها لتأتي كخطبة قصيرة لا تتعدى مدة إلقائهم لها أكثر من 10 دقائق وفي أفضل الحالات 20 دقيقة، ينهونها ويتم اختتام اليوم الأول من المؤتمر بـ «بوفيه شاي» و«فلاشين» كاميرا يبتسمون فيها ابتسامة عريضة وذلك من أجل أن تظهر صورهم بالصحف في اليوم التالي بأحسن صورة مع تغطية خبرية كخبر في صفحات المجتمع لصحفنا ودائما ما تنتهي تلك المؤتمرات بجملتنا الكويتية الأثيرة «صلوح ملوح اللي يدل بيته يروح».
جمهور تلك المؤتمرات لا يتجاوز العشرين نفرا مع حساب عامل البوفيه ومصوري الصحف والمحررين المكلفين بالتغطية لصحفهم والتي وكما قلت لا تتعدى في الغالب خبرا صغيرا في صفحة مجتمع لا يسمن ولا يغني من جوع، لا لعيب في الصحف ولا في الزملاء الذين يقومون بتغطيته بل لأن المؤتمر أصلا ليس به ما يستحق الذكر سوى ما ألقي من بضع خطب أعدها المؤتمرون وأغلبها يشبه واجب تعبير عربي لطلبة الصف الخامس حتى وإن كان المؤتمر يناقش قضية تتحدث عن مستقبل البلاد.
مؤتمرات طبية وبيئية وعلمية وأمنية وجميعها تنتهي بجملة «صلوح ملوح اللي يدل بيته يروح «وابتسامتين للكاميرا عشان الصورة تطلع حلوة» ليراها الوزير في اليوم التالي ليعلم أن قياديي وزارته يعملون ويكدون ويكدحون من أجل الوطن والمواطن.
ولو حسبنا المؤتمرات التي أقيمت خلال الأشهر الستة الماضية لوجدنا أنها تتجاوز الـ 50 مؤتمرا وندوة ومحاضرة أقامتها جهات حكومية عديدة، ومحصلتها كما قلت لا شيء يذكر بل لا شيء يستحق الذكر، وطبعا تسبقها إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف وملصقات تطبع وبروشورات وكراسات عن المؤتمر والمؤتمرين وتعاقد مع مطعم لتوفير البوفيه وحجز فنادق للضيوف الكرام وصالة لاحتضان المؤتمر، وبحسب متابعتي لما ينشر في «الكويت اليوم» تبين لي أن تكلفة أقل مؤتمر تزيد عن الـ 20 ألف دينار بقليل، بمعنى أن تلك المؤتمرات الـ 50 تتجاوز تكلفتها أكثر من مليون دينار.
مليون دينار «نوط ينطح نوط» والنتيجة «صلوح وملوح ورفيجهم تطلع صورهم بالجرايد بمليون دينار».
أتحدى شخصا أو جهة أقامت مؤتمرا أيا كان نوعه وحجمه أن يقولوا لنا ما الفائدة التي عاد بها مؤتمرهم على البلاد والعباد، وأعني شيئا ماديا ملموسا حقيقيا يقبل التطبيق على أرض الواقع غير حشو الكلام الذي ضـمـتـه خـطـبـهـم والـذي يـمـكن لـطالب في الصف الخامس أن يكتب أفضل منه وبمقابل «صمونتين فلافل وبيبسي».
[email protected]