بعد توجه الحكومة لتطبيق نظام البصمة في اثبات الحضور والانصراف بجميع قطاعاتها تفاوتت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، ولاشك أن تطبيق البصمة قد قض مضاجع العديد من المتسيبين في العديد من الجهات الموصومة بالفساد على مدى عقود من الدهر ولا نبالغ ان قلنا ان كثيرا منهم لا يعلم أين يقع مقر عمله ولا من هو مسؤوله المباشر، بل انها، أي البصمة، أظهرت زملاء جددا لبعض الموظفين لم يروهم من قبل وان سبقوهم بالتعيين بسنين عدة مما حدا ببعض ضحايا البصمة ممن تؤهلهم مدة خدمتهم الوهمية والمحرمة شرعا الى الهروب من خلال طلب التقاعد. وان كان لقرار تطبيق البصمة حسنات كثر إلا ان ذلك لا يعني انه لا يوجد به عيوب، فأنا ضد التطبيق العشوائي وضد أي قرار غير مدروس دراسة كافية خاصة في بعض المهن التي لا تحتاج الى بصمة لإثبات الحضور كالمدرسين في المدارس.
لست مدرسا ولا أحب لأبنائي أو من أحب أن ينخرط في هذه المهنة الشاقة وان كانت جليلة، ففي السابق كان للمدرس قدره واحترامه من قبل المجتمع قبل طلابه ومازال ذلك موجودا في المجتمعات المتقدمة فحين تظاهر القضاة في المانيا للمطالبة بمساواة رواتبهم بالمدرسين ردت عليهم المستشارة انجيلا ميركل قائلة: كيف أساويكم بمن علموكم؟ أما في مجتمعاتنا فإنه يتعين علينا التأمين على حياة المدرس أو أن نصرف له بدل خطر على الأقل.
عودة الى تطبيق البصمة في المدارس، فلو نظرنا للموضوع من جدوى اقتصادية، كم مدرسة لدينا في كل منطقة تعليمية؟ وكم جهازا سنحتاج في كل مدرسة؟ وكم سعر الجهاز؟ فسنجد ان تكلفته عالية جدا مقارنة بالهدف المنشود وهو اثبات الحضور خاصة ان طبيعة عمل المدرس لا تسمح له بالتغيب فلديه عبء يومي من الحصص المرتبط بعدد من الفصول التي تحوي العديد من الطلبة الذين ستكون أسعد لحظات حياتهم حين يتغيب المدرس عن الحضور ليعم الهرج والمرج في الفصل ويصل ازعاجهم الى مشرف الجناح والمدير المساعد والمدير ان لم يصل الى المنطقة التعليمية. (أي ان فضيحته ستكون بجلاجل). هذا من جانب اما من جانب اخر فإن المدرس يعمل في نفس المدرسة مع المدرس الأول والمدير المساعد ومدير المدرسة والذين عادة ما يتواجدون في طابور الصباح الذي هو بمنزلة طابور التحضير الصباحي في القطاعات العسكرية فأنى له أن يهرب؟ أما اذا كانت الوزارة ماضية في التطبيق العشوائي وكان الوزير مصمما على تطبيق القرار فإنه حري به تطبيقه كاملا على جميع قطاعات التعليم بمن فيهم أعضاء هيئة التدريس في الجامعة والتطبيقي، ففي نظري ان المدرسين في المدارس اكثر التزاما منهم، فعضو هيئة التدريس حينما يتغيب عن المحاضرة ليس لديه من يراقبه بعكس المدرس، كما أن عضو هيئة التدريس في الجامعة والتطبيقي يتقاضى مبالغ طائلة عن كل ساعة إضافية بعد الثانية ظهرا في حين ان المدرس ليس لديه إضافي بل انه قد لا يتسلم راتبه كاملا، ومنا الى معالي وزير التربية الذي يعي كلامي جيدا كونه عضو هيئة تدريس سابقا.
٭ شكر وتقدير: كل الشكر والتقدير للملحق المالي بالمكتب الصحي في باريس فيصل الزمانان لرقي اخلاقه وحسن تعامله مع ذوي المرضى وتسهيل اجراءاتهم، الله يكثر من امثالك.
[email protected]
al7armal@twitter