وأعني تلك العلاقات التي صارت تقتحمك فجأة منذ تغلغل «السوشيال ميديا» في أدق تفاصيل حياتنا، وتجد البعض يقترب أكثر مما تسمح وتحتمل طبيعة تلك العلاقات العامة التي تتكون بالاحتكاك الجمعي، وذلك لأي عامل أو سبب دائم أو طارئ.
العامل الدائم مثل وجود خلل اجتماعي عند شخص يمنعه من تشكيل علاقات واقعية فيتخفى خلف الشاشة ينشر عن نفسه ما يريد ويشاء ويحميه قناع الشاشة، اضطراب القدرة على تكوين علاقات مباشرة أحد الأسباب الدخول في علاقات وهمية عبر السوشيال ميديا، وهنا نتكلم عن اضطراب في الشخصية يتطلب علاجا مختصا لأن الاستمرار يسبب الإدمان وكل إدمان غير صحي حتى إدمان القهوة.
أما السبب الطارئ أن يكون الشخص سويا ولكن لحدث ما في فترة زمنية محددة واجه أزمة أو صدمة ما أدى إلى اللجوء لأشخاص لا يعرفونه ليكشف عورته النفسية الطارئة لهم حتى يتخلص من عبء مشاعر يخجل من أن يعترف بها بهويته الحقيقية، وهذا النوع يسهل أن يقلع عن سلوك التعارف العشوائي «غير السوي» إن صح الوصف، لأنه عابر، ولكن الخوف من الأفخاخ المفاجئة في الطرق غير المعروفة وقد تجر من يقع فيها للهاوية، مثل العلاقات التي ينشئها شخص كرد فعل لأزمة أو مشكلة، كما أسلفنا القول، تحدث ندوبا في حياته حاضرا ومستقبلا.
حياتنا اليوم مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، وهي مركز لتخزين المعلومات عنا وبالتفاصيل، نصور مواقعنا وأكلاتنا المفضلة وألواننا التي نحب والأشياء الذي تزعجنا، نحكي ما تعكسه مشاعرنا ونفسياتنا، نكشف عن أحوالنا المادية والمعنوية للعامة، وكل عمل التكنولوجيا حفظها، ومن شاء يستدعيها متى شاء، لو يعلم الإنسان كم أن تغذية وسائل التواصل بالمعلومات قنبلة موقوتة مسألة انفجارها بوجهه مجرد وقت لهرب منها هروب عاقل من أسد.
تخيل التالي: أول مرجع للسؤال عن الخاطب السوشيال ميديا لمعرفة سلوكه من يتابع وجنسهم ومن يحاور وماذا يقول، وكذلك النبش في حسابات الفتاة للتحقق من صلاحيتها للزواج، كل حسب مفاهيمه للصلاحية، ما سبق فقط مثال.
الآن التواصل مع «مجهول» عن بعد، تشغل أوقات الناس عن أولوياتهم الواقعية من عمل وأسرة ومجتمع، أتكلم هنا عن إدمان عام وشامل شكل ظاهرة أخلت بأصول العلاقات ومسافتها الحقيقية التي تستحقها ما أدى إلى خلل شاسع في النتائج، نتائج إعطاء أشخاص افتراضيين حجما أكبر في حياتنا عبر إزاحة الحقيقيين بإفراغ مساحة لهم، وينسى الإنسان أن العلاقات عبر الشاشات مجرد معارف لا أكثر، غير مختبرة بمواقف تكشف معادن أصحابها لترقى إلى درجة العلاقة.
السوشيال ميديا واقع تعامل معه لا أن يستعملك، أنت القائد لا تترك الدفة للرياح، وما أن تضع الأشياء والأشخاص بأحجامهم ومواقعهم الطبيعية يسهل دائما أن تعيش سعيدا بلا توتر حالات الطوارئ مع وجود عابر أو مجاملات لست مضطرا لها.
@kholoudalkhames