في العالم المثالي الإنسان يعيش بما يحتاج لتحقيق أسباب الحياة: مأكل، مشرب، ملبس، أمن، مسكن، كلها تعلمناها في المدرسة عندما كانت المدرسة وفصول الدراسة وحوائطها بشير معلومات آتية، ومحضناً لمستقبل جيل مقبل.
الارتماء في صدر التكنولوجيا والرضاعة من ضرعها خير وشر، بالطبع ان المدنية كانت كريمة معنا، تعطينا من نهرها الكثير وتسقينا من نبعها الذي يحتوي على الشوائب لا ريب.
لذلك نحن في الخلط الذي يدخلنا ويبقى وليس له (Exit) يجعل تلك العقول المتحكم بها في حيرة من كمية الغث والسمين والـ Junk المندس وغالبا ما تأخذ التوافه مساحات كبيرة، هكذا النفايات، مضطرون لإيجاد أماكن لنبذها والتعامل معها.
المحزن أن الإنسان الآن أو اليوم مع كل التطور والاختراعات والحداثة، لم يقدر على اختراع يفصل بين الشوائب للمعرفة والتكنولوجيا أو لنقل لم يهتم بهذا المشروع حتى يتلقى عقله النافع منها.
قد نكون ممن أحب الحياة المريحة عبر «هاتف ذكي» يثبت غباء الإنسان، اختيارا لا حقيقة بالطبع، لأننا فوضناه ليؤدي مهمة العقل وأحلنا له الملفات العالقة في اذهاننا لإغلاقها عبر حلوله الجاهزة، وتلك الحلول ليست إلا عقلا ذكيا جدا.. قرر ان يتسلل الى حساباتنا البنكية وميزانياتنا الرئيسية، ليست الفرعية، وصارت الأجهزة الذكية جزءا من الاحتياجات والضرورات لا الكماليات، وهنا يقبع المسكين المسمى العقل الذي جمدناه ووضعناه على الصامت mute حتى ارتخت عضلته وعجز عن حمل حتى فكرة واحدة وصار أسيرا لـ google!
المعيشة الأولى بالرغم من مشقتها، أو كذلك تبدو لنا نحن المرفهين، إلا أنها كانت تقوم على أساسيات حقيقية وضروريات فعلية، وحاجة أكيدة، من المستحيل ان يغش الجوع أو البرد أو الخوف، المتطلبات التي عليها ترتفع الحضارات وتنهض الأمم، كلها موجودة في المعجزة المسماة بالانسان.
في داخلك كل الإمكانات، الحكاية الصالحة للنشر والدافعة للبقاء.
في عقلك الحلول التي تعطل التكنولوجيا وتجعلها عاجزة عن التقدم للاستحواذ عليك، جسدك الذي امتلأ بشحنات الكهرباء والذبذبات المغناطيسية والإلكترونية ينادي ويستنجد: كفى.
أوكلما تطورت الآلة تراجع الإنسان؟!
أهذه المعادلة التي خلقنا لنحققها؟!
لا شك، لا أتهم الحداثة والتحديث، بل أطرح نتاج تهميش ما خلق الله لينمو ويكبر ويطوِّر ويغيِّر لصالح اجهزة أوكلنا لها كل شيء فصارت هي التي تقرر عنا كل شيء!
أضغاث فكرة أحببتُ أن أتشارك بها مع القراء لعل هناك من لديه رأي ملهم ليخرجنا من عنق زجاجة الأسر والعودة لحفظ أرقام الهواتف، على الأقل، بدلا من أن نتحول إلى خادم لجهاز ذكي إذا سقط في الماء فقد الذاكرة وعدنا معه الى كهف الإنسان الأول!
kholoudalkhames@