رغم حصول رئيس وزراء لبنان الجديد حسان دياب على ثقة البرلمان، فإن الشارع اللبناني لا يزال غاضبا، وبعنف.
يحل لبنان في المرتبة الثانية في قائمة الدول العربية من حيث حجم الدين العام، والذي يشكل نحو 158% من الناتج المحلي، وفي ظل تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع الإنتاج والتصدير والسياحة، لا يبدو أن هناك أفقا قريبا للحل، خاصة مع استمرار رفض الشارع اللبناني للتشكيل الوزاري «التقليدي»، أي من دائرة الأحزاب السياسية المسيطرة، والمسيرة من الخارج حسب ما يردده المتظاهرون.
***
كنت أتحدث مع مثقف لبناني استثنائي، سألته عن رأيه في حكومة حسان دياب وهل ستكون مخرجا آمنا للبنان من أزمتها الخانقة، قال بأسف ان مشكلة لبنان اليوم أكبر من ذلك بكثير.
يقول صاحبنا إن مشكلة لبنان اليوم أنه يسير على خطى فنزويلا، فالاقتصاد ينهار والمصارف المحلية عاجزة بسبب شح العملة الصعبة (الدولار واليورو)، مع تراجع ملحوظ في الدخل القومي للبلاد نتيجة تعطل مسيرة الإنتاج والتصدير والسياحة التي تشكل المصدر الأهم للعملة الأجنبية، والأخطر من ذلك أن القوة السياسية المسيطرة على الواقع السياسي في لبنان، وهي حزب الله، تسببت في تراجع الدعم العربي للبنان، ويضيف أن الدول الخليجية معذورة لأنها لا يمكن أن تستمر في دعم دولة يسيطر عليها حزب يعمل لصالح دولة معادية لهم، وبالتالي لم يعد لدى البنوك اللبنانية مصادر للعملة الأجنبية تسند اقتصاد البلاد، فالوضع إذن بانحدار ولا يوجد أفق للحل في ظل استمرار هذا الواقع السياسي المعقد.
***
لو تأملنا في حديث صاحبنا المثقف اللبناني بعمق، فما السيناريوهات المحتملة التي تنتظر لبنان إذن؟ ما الذي يعنيه أن تصبح لبنان مثل فنزويلا؟ باعتقادي، السيناريو الأوضح هو عودة الحرب الأهلية وهو ما لا نتمناه.
عندما تنهار الدولة، أي دولة، فأول ما سيحدث هو أن يعود الأفراد إلى تنظيماتهم الأقرب، القبيلة أو الطائفة أو الحزب، وفي حالة لبنان، سيكون قادة الأحزاب السياسية - الطائفية خاصة - ملاذا لأتباع تلك الأحزاب، فهي ستكون بالنسبة لهم مصدر الدخل والحماية أيضا، وبما أن الأحزاب السياسية اللبنانية كما هو معروف للجميع مدعومة من الخارج في أغلبها، فهذا يعني عودة الوضع كما كان قبل اتفاق الطائف.. حرب أهلية تشعلها دول أخرى ويموت فيها اللبناني!
***
من وجهة نظر براجماتية - عملية - يصبح تقديم تنازلات سياسية كبيرة أمرا محتوما وضروريا على حزب الله، فالمسألة هنا مسألة وجود وليس ميزان قوة.
انهيار لبنان يعني بالضرورة تراجع حزب الله وفقدانه السيطرة على البلاد، وبالتالي من مصلحة حزب الله - لبقائه - أن يقدم تنازلات كبيرة تتيح بدورها عودة لبنان إلى محيطه العربي وعودة شريان الحياة إلى اقتصاد هذا البلد المنكوب.
لبنان دولة غنية بالموارد والإمكانات، لديها صناعة وزراعة وسياحة ومركز مالي مهم جدا، واللبنانيون يعرفون هذا عن بلدهم، ويعرفون أيضا أن مشكلتهم تكمن في هيمنة حزب الله وولائه العلني لإيران، فلا حل إلا بتراجع هذا الحزب وهو تراجع في مصلحة حزب الله قبل غيره.. فهل يقرأ السيد حسن نصرالله الواقع جيدا وبطريقة براجماتية أم يسير بلبنان والحزب للهاوية؟ ستكون لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل الكلمة الفصل في تحديد مسار لبنان لا شك.. فإذا عاد ترامب سيدخل لبنان إما على خطى فنزويلا، أو يعود لحاضنته العربية.
[email protected]