مع قرب حلول الانتخابات الأميركية، برزت العديد من الأسماء خصوصا من الحزب الديموقراطي، وهو الحزب المنافس للحزب الجمهوري، وإن كان مرشح الحزب الجمهوري هو على الأرجح الرئيس الحالي دونالد ترامب، فإن المنافسة لدى الديموقراطيين مشتعلة من أجل نيل ترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولعل أبرزهم في الفكر والطرح السيناتور بيرني ساندرز، حيث يعتبر أول مرشح ديموقراطي يميل صراحة إلى الأفكار الاشتراكية، حيث نادى بطريقته الخاصة عمال بلاده كي يتحدوا، في إحياء صادم لمقولة لينين الخالدة، وشرح للأميركيين أنه من غير المعقول أن يتركوا أكثر من نصف الثروة للقلة القليلة التي لا تزيد على 1%، وأن تأثير المال على صناعة القرار يجب أن يتوقف، حيث فتح باب التبرع على موقع الحملة، وكان أغلب المتبرعين يساهم بخمسة أو عشرة دولارات، ومع آلاف المتبرعين يمكن تمويل الحملة دون الحاجة لأموال الطبقة الفاسدة التي تستردها بشكل أو بآخر على حساب الشعب ومصالحه.
وبالفعل في التاسع عشر من سبتمبر 2019، أعلنت حملة ساندرز أنها بلغت مليون متبرع فردي، وأصبحت بذلك أسرع حملة رئاسية في التاريخ جامعة ملايين الدولارات.
وينادي ساندرز في برنامجه الانتخابي على مجانية التأمين الصحي والتعليم الجامعي، ومحاربة التغير المناخي، ويرى أن الدول الإسكندنافية هي القدوة للولايات المتحدة الأميركية، وأن إعادة توزيع الثروة هو الحل الوحيد، ومن غير المعقول أن تنفق الدولة مليارات الدولارات على الحروب في أقصى بقاع الأرض، وتعجز عن توفير تأمين صحي لمواطنيها.
وعلى الرغم من تعد النظام الانتخابي الأميركي والذي يتم على مرحلتين:
أولاهما، انتخاب المرشح من كل من الحزبين الرئيسيين (الديموقراطي والجمهوري) عن طريق انتخابات أولية، إذ يجري الحزبان عادة انتخابات في كل ولاية يصوت فيها عادة المنتمون للحزب، ثم يختار المرشح من كل حزب نائبا له ويتم التصديق عليهما رسميا في مؤتمر الحزب.
المرحلة الثانية وهي الانتخابات العامة التي يصوت فيها المواطنون الأميركيون للمندوبين الذين يدلون بأصواتهم لصالح أحد المرشحين.
فإنه وفق هذا النظام يصعب جدا أن تلقى أفكار ساندرز مكانا للترويج، فهو مؤيد لحقوق العمال ويرى ضرورة الحد من قوة الأثرياء، وهو يدعو إلى توفير الرعاية الصحية والتعليم العالي المجاني، وعلى الرغم من أنها شعارات رنانة، لكن هل هي قابلة للتطبيق في معقل الرأسمالية العالمية، الوضع بالنسبة لنا يحتاج إلى معجزة، فأصحاب رؤوس الأموال لن يسمحوا أبدا بدخول تلك الأفكار إلى المجتمع الأميركي وهم الذين حاربوها طوال سنين عندما كان الاتحاد السوفييتي يتزعم المعسكر الاشتراكي.
المهم انه طرح جديد وعبقري.. والأيام القادمة ستكشف لنا ما مدى إمكانية اختراقه للحصن الرأسمالي المسيطر من سنين!