حاول قادة الدول السبع الكبرى، خلال قمتهم الوجاهية الأولى التي تنعقد في بريطانيا منذ اول من أمس، اظهار المزيد من الاتحاد والتفاهم بعد التصدعات التي احدثتها سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والاحتفاء بعودة واشنطن لدورها القيادي. وأظهر قادة مجموعة «G7» لأكبر اقتصادات العالم، جبهة موحدة في مواجهة أزمة وباء «كوفيد ـ 19»، مع إقرارهم خطة لمكافحة الأوبئة في المستقبل، كما أكدوا على «قيم» الديموقراطيات الليبرالية.
وأبدى القادة الذين انضم إليهم نظراؤهم من كوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا وأستراليا والهند عبر الإنترنت أمس تصميما على تحقيق تقدم «تاريخي» بإقرار خطة عمل لمواجهة الأوبئة، خلال القمة التي تنتهي اليوم في منتجع كاربيس باي في كورنوول جنوب غرب بريطانيا. وحاول رؤساء دول وحكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا واليابان والولايات المتحدة اظهار توافقهم لدى التقاط الصورة التذكارية التقليدية أمس الأول وخلال حفل استقبال أقامتهم الملكة إليزابيث الثانية على شرفهم أمس. وتناولوا سبل تحديد وسائل تفادي تكرار الكارثة العالمية التي نشهدها حاليا. وقد رحب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على تويتر بـ «إعلان كاربيس باي» لمنع تفشي أوبئة في المستقبل باعتباره «لحظة تاريخية». وكتب في تغريدة «بموجب هذه الاتفاقية، ستلتزم الديموقراطيات الرائدة في العالم الحؤول دون وقوع جائحة عالمية مرة أخرى، وضمان عدم تكرار الدمار الذي أحدثه كوفيد ـ 19».
وتنص الوثيقة على سلسلة تعهدات لمنع تفشي جائحة جديدة، من ضمنها خفض المهلة لتطوير اللقاحات والعلاجات والتشخيص، على أمل أن يكون العالم جاهزا في أقل من مئة يوم لمواجهة أي مرض طارئ.
أما الشق الثاني من النص، فيتناول تعزيز الرقابة الصحية وتنفيذ إصلاح لمنظمة الصحية العالمية بغية تعزيزها، وهو هدف يصعب تحقيقه بدون مشاركة الصين التي تعتبر مجموعة السبع «زمرة» شكلتها واشنطن.
وبعد الاتفاق في شأن مواجهة الوباء، باشر القادة الشق الديبلوماسي من اجتماعاتهم، ساعين لتأكيد موقفهم بمواجهة التحديات التي تطرحها الصين وروسيا، وهو هدف رئيسي لأول زيارة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى الخارج بعد عهد سلفه ترامب.
وبهذا الصدد، أقرت المجموعة، خطة عالمية واسعة النطاق للبنى التحتية موجهة إلى الدول الفقيرة والناشئة، طرحها بايدن وهدفها منافسة خطة «طرق الحرير الجديدة» الصينية سواء في أميركا اللاتينية أو إفريقيا أو آسيا. وتسعى خطة «إعادة بناء العالم بشكل أفضل» لمساعدة هذه الدول على النهوض بعد وباء «كوفيد ـ 19» بالتركيز على المناخ والصحة والقطاع الرقمي ومكافحة التباين الاجتماعي، على ما أعلن البيت الأبيض.
وكان الرئيس الأميركي، محط الانظار في القمة وسط ارتياح لدى حلفاء واشنطن الرئيسيين بانتهاء رئاسة سلفه المتوترة وترحيب باستعادتها دورها القيادي. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اجتماع مع نظيره الأميركي، إن الولايات المتحدة عادت زعيمة متعاونة للعالم الحر، وكرر ماكرون ما وصفه جونسون بـ «جرعة كبيرة من الهواء النقي».
وعندما سئل بايدن عما إذا كانت الولايات المتحدة عادت، التفت بايدن إلى ماكرون قائلا إن هذا السؤال ينبغي أن يوجه للرئيس الفرنسي.
وعندها رد ماكرون قائلا «نعم.. بكل تأكيد».
وتابع ماكرون «عظيم جدا أن يكون معنا رئيس أميركي يمثل جزءا من هذا التجمع ولديه رغبة تامة في التعاون.. ما تظهرونه هو أن الزعامة تعني الشراكة».
وأكد بايدن في أول لقاء مع نظيره الفرنسي أن فرنسا والولايات المتحدة «متوافقتان» بشأن الحاجة إلى التعاون في القضايا الدولية الرئيسية.
وقال إيمانويل ماكرون باللغة الإنجليزية في بداية اللقاء «علينا أن نواجه هذا الوباء، وعلينا أن نواجه الكثير من الأزمات (على غرار) تغير المناخ، ونحتاج إلى التعاون لحل كل هذه المشاكل».
وأضاف «اعتقد أن من الرائع أن يكون هناك رئيس أميركي حريص جدا على التعاون»، معتبرا أن الزعيم الديموقراطي أظهر «ريادة في الشراكة».
بدورها، أعربت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل خلال اجتماع ثنائي مع بايدن على هامش القمة عن تفاؤلها حيال المحادثات التي تجريها بلادها مع الولايات المتحدة حول مشروع نورد ستريم 2 الرامي إلى نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، وقالت ميركل إن المحادثات تسير «على طريق جيد».