تفجر الخلاف من جديد بين واشنطن وموسكو اثر اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى المبرمة بين الجانبين خلال الحرب الباردة، وهي الخطوة التي وصفتها روسيا بـ«الخطيرة جدا».
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في تصريح لوكالة تاس الروسية امس «ستكون هذه خطوة خطيرة للغاية وأنا واثق من أن المجتمع الدولي لن يفهمها وستستتبع إدانات جدية».
وأكد أن المعاهدة «مهمة من أجل الأمن الدولي والأمن النووي ومن أجل الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي».
وانتقدت روسيا ما وصفته بمحاولات أميركية للحصول على تنازلات بـ«أسلوب الابتزاز».
وقال ريابكوف في تصريح آخر لوكالة ريا نوفوستي: «إذا استمرت الولايات المتحدة بالتصرف «بشكل أخرق وفظ» والانسحاب من طرف واحد من المعاهدات الدولية «فلن يكون لدينا خيار آخر سوى اتخاذ إجراءات مضادة ومنها ما يتعلق بالتكنولوجيا العسكرية»، لكنه أقر «اننا لا نرغب في أن تصل الأمور الى هذا الحد».
وأعلن الرئيس الاميركي مساء امس الاول أن واشنطن ستنسحب من «معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى» التي وقعها في 1987 الرئيس الأميركي في حينه رونالد ريغان ورئيس الاتحاد السوفييتي يومذاك ميخائيل غورباتشيوف.
وقال ترامب للصحافيين في مدينة إلكو بصحراء نيفادا إن «روسيا لم تحترم المعاهدة، وبالتالي فإننا سننهي الاتفاقية وسنطور هذه الاسلحة».
وتابع «نحن لن نسمح لهم بانتهاك اتفاقية نووية والخروج وتصنيع أسلحة (في حين) أننا ممنوعون من ذلك. نحن بقينا في الاتفاقية واحترمناها ولكن روسيا لم تحترمها للأسف».
لكن نائب وزير الخارجية الروسي نفى هذه الاتهامات، مشددا على «أننا لم ننتهكك المعاهدة ونتقيد بها بدقة».
وأكد «كنا نتحلى بالصبر على مر السنين أمام الانتهاكات الصارخة للمعاهدة من قبل الولايات المتحدة نفسها». من جهته، اعتبر السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف في تغريدة على تويتر أن قرار ترامب الانسحاب من المعاهدة هو «ثاني ضربة قوية تتلقاها منظومة الاستقرار الاستراتيجي في العالم» بعد انسحاب واشنطن من «معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية» (معاهدة إيه بي إم) في 2001.
يأتي ذلك فيما من المقرر ان يزور مستشار ترامب لشؤون الامن القومي جون بولتون موسكو، حيث سيلتقي اليوم وغدا، كبار المسؤولين الروس بينهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، للتحضير للقاء متوقع بين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل نهاية العام الحالي.
وسيلتقي المستشار الأميركي وسكرتير مجلس الامن نيكولاي باتروشيف ومستشار بوتين يوري أوشاكوف، كما من المحتمل ان يلتقي بولتون الرئيس الروسي، على ما أفاد متحدث باسم الكرملين.
وذكرت صحيفة الغارديان أن بولتون هو من ضغط على الرئيس الأميركي من أجل الانسحاب من «معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى». كما انه يعوق المفاوضات حول توسيع معاهدة «ستارت الجديدة» للحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية التي ينتهي العمل بها في 2021 وترغب روسيا في تمديدها.
وتأخذ إدارة ترامب على موسكو نشرها منظومة صاروخية من طراز 9 إم729 التي يتجاوز مداها بحسب واشنطن 500 كلم، ما يشكل انتهاكا للمعاهدة.
ووضعت المعاهدة التي ألغت فئة كاملة من الصواريخ يراوح مداها بين 500 و5000 كلم، حدا لأزمة اندلعت في الثمانينات بسبب نشر الاتحاد السوفييتي صواريخ إس.إس-20 النووية التي كانت تستهدف عواصم أوروبا الغربية.
وقد يؤدي انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة إلى توجيه الأنظار نحو الصين التي يمكن ان تطور دون قيود أسلحتها النووية المتوسطة المدى بما انها لم توقع على الاتفاق.