قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، يركز الرئيس دونالد ترامب على الترويج لنظريات المؤامرة ضده على اختلافها، وسط اتهامات له بالضغط على السلطات الصحية لاعلان لقاح قبل نوفمبر المقبل، فيما يحاول خصمه الديموقراطي جو بايدن العودة الى الأضواء والقيام بجولات ميدانية بعد اشهر من حملة باهتة اقتصرت على الظهور عبر الانترنت التزاما بالقواعد الصحية التي يفرضها انتشار فيروس كورونا.
ولا ينفك الرئيس الجمهوري عن ترديد عدة نظريات للمؤامرة ضده، ومنها حديثه عن طائرة مكتظة بمثيري الاضطرابات أرسلت لبلبلة المؤتمر الوطني الجمهوري الذي عقد قبل ايام لتسميته رسميا مرشحا عن الحزب.
وروى متحدثا لشبكة فوكس نيوز «صعد أحد في طائرة أقلعت من مدينة في نهاية الأسبوع الماضي، وكانت الطائرة مكتظة وجميع ركابها تقريبا أوغاد يرتدون بدلات قاتمة اللون، بدلات سوداء مع تجهيزات وكل ما هنالك».
ومن نظريات المؤامرة اتهامه بايدن، بأنه دمية يحركها «أشخاص مجهولون يعملون في الظلام». وأضاف رئيس أكبر قوة في العالم «إنهم أشخاص لم تسمعوا عنهم أبدا».
وهذه الروايات عن رجال يرتدون ملابس سوداء وقوى غامضة تعمل في الظل وعلى استعداد للقيام بأي شيء لمنع إعادة انتخابه، هي من الأدوات التي يستخدمها ترامب لتأكيد التهديدات التي يقول إنها تتربص برئاسته.
وهي ذات الأفكار التي يروج لها أنصار «كيو إيه نون»، اليمينية المتطرفة وحذر منها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).
والولايات المتحدة بحسب هذه المجموعة تديرها منذ عقود منظمة إجرامية تضم عائلات كلينتون وأوباما وروتشيلد وآخرين من «النخبة» العالمية، وهي منظمة تشن حملة استهداف ضد ترامب.
وامتنع ترامب عن التنديد بالمجموعة، بل نوه بدعمها له قائلا خلال مؤتمر صحافي سابق «لا أعرف الكثير عنهم. ما علمته أنهم يحبونني كثيرا، وهو أمر أقدره».
ورأى ريتش هانلي الذي يدرس الإعلام والاتصالات في جامعة كوينيبياك أن ترامب يستخدم وسائل تأثير تثبت فاعليتها بشكل متزايد. وقال «إنه معزول بين الرؤساء الأميركيين، إنما ليس بين العدد المتزايد من الأميركيين الذين تستهويهم نظريات المؤامرة».
وفضلا عن نظرية المؤامرة، يبدو أن ترامب مصر على الاستفادة من جائحة كورونا، حيث دعت إدارته، الولايات الأميركية، للاستعداد لتوزيع لقاح محتمل للوباء بحلول الأول من نوفمبر، قبل يومين من الانتخابات الرئاسية.
وعقدت شركة «ماكسون كورب» في دالاس اتفاقا مع الحكومة الفيدرالية وستطلب تصاريح لإنشاء مراكز توزيع عندما يصبح اللقاح متوافرا.
وهناك ثلاث شركات لصناعة الأدوية متقدمة في التجارب السريرية من المرحلة الثالثة والتي تضم عشرات الآلاف من المشاركين: الأولى هي أسترازينيكا التي تشارك مع جامعة أكسفورد في إنجلترا والثانية هي موديرنا التي تتعاون مع المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، أما الثالثة في بفايزر المتحالفة مع بايونتيك.
وفي ظل الإجراءات العادية، ينبغي للقائمين على الاختبار الانتظار، ربما لأشهر، لمعرفة النتائج. لكن الإدارة الأميركية للأغذية والعقاقير (إف دي إيه) أثارت احتمال منح اللقاح موافقة مستعجلة قبل نهاية التجارب.
وقد واجهت إدارة الأغذية والعقاقير انتقادات متزايدة من المجتمع الطبي بأنها تخضع لضغوط سياسية من الرئيس.
وكتبت الكاتبة المتخصصة في علم الأوبئة الحائزة جوائز لوري غاريت على تويتر، وأضافت «على حد علمي، لم ينته أي من اللقاحات الأميركية ضد كوفيد-19 حتى من تسجيل مواضع الاختبار لتجارب المرحلة الثالثة. الإسراع بهذا الإجراء للانتهاء في غضون 59 يوما أمر خطير».
في المقابل، وبعد يومين من زيارة ترامب المثيرة للجدل لمدينة لكينوشا التي تعصف بها الاضرابات، سيحاول الديموقراطي جو بايدن إبراز التناقض بينه وبين خصمه الجمهوري في السباق الرئاسي، عبر اجتماعه مع عائلة جايكوب بليك الذي أصيب بالشلل نتيجة اطلاق شرطي ابيض النار عليه ما أدى إلى موجة غضب جديدة ضد العنصرية في المدينة.
وفي العلن، يبدو أن بايدن يسعى من زيارته للمدينة الواقعة في ولاية ويسكونسن الأساسية في الانتخابات «لبلسمة جروحها»، لكن الإشارة الواضحة هي أنه بعد أشهر من أقصى درجات الحذر بسبب وباء كوفيد-19 سيعود إلى الميدان في وجه خصمه النشيط جدا، الذي يضاعف رحلاته قبل شهرين من الانتخابات ويسخر من غياب بايدن عن الساحة ويقول انه يختبئ في القبو.
وقال بايدن «أرغب في الخروج أكثر مما أفعل الآن لكن أعتقد أن اي رئيس يتحمل مسؤولية أن يكون نموذجا يحتذى» عبر احترامه إجراءات الوقاية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
وبعد مشاورات مع خبرائه الطبيين، قرر نائب الرئيس السابق التوجه إلى كينوشا أمس. وقال بايدن في مؤتمر صحافي نادر أمام بضعة صحافيين فقط وقفوا بعيدا على دوائر كبيرة رسمت على الأرض «يجب أن نبلسم الجروح».
وفي هذه الأثناء، أعلنت حملة بايدن أن المرشح الديموقراطي جمع تبرعات لحملته بقيمة 364.5 مليون دولار في أغسطس، محطما بذلك الرقم القياسي الشهري السابق، على الرغم من أن الجزء الأكبر من حملته جرى عبر الانترنت.
وعبر بايدن عن شكره لفريق حملته، موضحا أن «57% من هذه الأموال جاء من تبرعات عبر الانترنت من اشخاص مثلكم دفعوا خمسة أو عشرة دولارات أو عشرين دولارا». ورأى أن ذلك يجعل من أغسطس «أفضل شهر لجمع التبرعات عبر الانترنت في التاريخ السياسي» الأميركي.
وكان الرقم القياسي السابق سجله باراك أوباما والحزب الديموقراطي عندما جمعا في سبتمبر 2008 حوالي مائتي مليون دولار.