حسين الرمضان - موسى أبوطفرة - أسامة أبو السعود
ماضي الهاجري - سامح عبدالحفيظ - مؤمن المصري
آلاء خليفة - رشيد الفعم - ناصر الوقيت
سلطان العبدان - عبدالله البالول - بدر السهيل
في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تاريخ إنشائها، قضت المحكمة الدستورية أمس ببطلان عضوية مجلس الأمة لعام 2012 وعودة مجلس الأمة الذي تم حله «مجلس 2009». ونص الحكم على بطلان عملية الانتخاب برمتها التي تمت في
2 فبراير الماضي في الدوائر الانتخابية الخمس وعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة 2009 وبطلان دعوة الناخبين للانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن يستعيد مجلس 2009 بقوة الدستور سلطته الدستورية وكأن الحل لم يكن. وعلى الفور عقد مجلس الوزراء اجتماعا استثنائيا في قصر بيان تدارس خلاله الحكم وقرر استكمال بحث حكم «الدستورية» في اجتماع يعقد اليوم بعد أن كلف وزارة العدل والفتوى والتشريع بتقديم آرائهم حول الموضوع. وما ان صدر حكم المحكمة الدستورية حتى تداعى نواب كتلة الاغلبية النيابية لاجتماع عاجل في مكتب الرئيس أحمد السعدون بحثوا خلاله الوضع القائم ثم أعلنوا أن نواب مجلس 2009 المنتمين إلى الاغلبية النيابية الحالية سيقدمون استقالاتهم من المجلس. وفي الاتجاه المقابل رحب نواب الاقلية بحكم «الدستورية» معتبرين أن الوضع السياسي يتطلب التفكير العقلاني والهادئ، كما أكد الجميع على احترامهم للاحكام الصادرة من القضاء. وزير الاعلام الشيخ محمد العبدالله قال في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة أمس أن مرسوم حل مجلس 2009 تم إبطاله لأسباب إجرائية وليس لأسباب موضوعية مؤكدا أن الإرادة السامية بحل المجلس لاتزال قائمة على الأسس الموضوعية. وأشار إلى أن كل الاجراءات التي اتخذت بحل المجلس السابق لم يكن لها الشكل القانوني السليم.
النص الحرفي لمنطوق حكم «الدستورية»
إبطال عملية الانتخاب برمتها، التي أجريت بتاريخ 2/2/2012 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها، لبطلان حل مجلس الأمة وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها ان يستعيد المجلس المنحل ـ بقوة الدستور ـ سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن، وذلك على النحو الموضح بالأسباب.
أهم النقاط بالحكم
٭ اختيار الوزراء وتشكيل مجلس الوزراء من الأمور التي تنحسر عنها ولاية القضاء باعتبارها من أعمال السيادة.
٭ القيود الإجرائية التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لا يجوز إسقاطها أو تجاوزها أو التحلل منها تذرعا بأنها أعمال سياسية.
٭ المحكمة أثناء نظر الطعون مقيدة بضوابط العمل القضائي وضماناته بعيدا عن العمل السياسي بحساباته وتقديراته، وهي من بعد لا تخوض في اختصاص ليس لها.
٭ إن اختصاص المحكمة الدستورية بالفصل في هذه الطعون هو اختصاص شامل، يشمل بسط رقابتها على عملية الانتخاب برمتها للتأكد من صحتها أو فسادها.
٭ قبل تأليف الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها، استبق رئيس مجلس الوزراء باستعارة أعضاء من الوزارة المستقيلة التي زالت صفتها ونظمهم في اجتماع لمجلس الوزراء لأخذ موافقتهم على هذا الحل، فإن هذا الإجراء يكون غير صحيح من الوجهة الشكلية، مخالفا لروح المبادئ الدستورية.
٭ لا يجوز ان يتخذ الحل، الذي رخص به الدستور للحكومة استعماله وحدد طبيعته وإجراءاته والغرض منه ذريعة لإهدار أحكام الدستور ومخالفتها.
اعتذار الحكومة يحتوي الغضب النيابي
مريم بندق
أكدت مصادر دستورية رفيعة لـ «الأنباء» أن محاسبة المسؤولين عن هذا الخطأ واعتذار الحكومة عنه كفيلان بامتصاص الغضب النيابي الذي سيكبر مثل كرة الثلج. وقالت المصادر: نحن
لا نستبعد ذلك لأنه من غير المعقول تحميل سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك وزر ذلك «ونحن نشهد الله أن جابر المبارك يحمل نية صادقة للإصلاح».
لجان مجلس الوزراء ..انعقاد دائم
مريم بندق
كشف وزير الاعلام الشيخ محمد العبدالله في تصريحات خاصة لـ «الأنباء» ان 8 اولويات للحكومة ستعمل على انجازها لرفع المعاناة عن المواطنين. وقال: اولويات الحكومة الآن قضايا الوحدة الوطنية، مكافحة الفساد، المطبوعات والنشر، هيئة الاتصالات، المناقصات، الخطة السنوية الثالثة، الميزانية العامة للدولة وميزانيات الجهات المستقلة والملحقة، والحسابات الختامية لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية المتأخرة منذ عام 1994. وشدد على ان الحكومة تهدف الى رفع المعاناة عن المواطنين بإنجاز هذه الاولويات والتي تصب في صالحهم وستواصل العمل لإنجاز كل ما من شأنه تحقيق هذا الهدف سواء في القطاعات الصحية أو التعليمية أو الاسكانية وكذلك لتحسين الخدمات العامة ومنها البنية التحتية. واوضح ان لجان مجلس الوزراء ستكون في حال انعقاد دائم لإنجاز آلية التعامل مستقبليا.
نواب أعلنوا نيتهم تقديم استقالاتهم
احمد السعدون ومسلم البراك وخالد الطاحوس وعلي الدقباسي والصيفي الصيفي وجمعان الحربش وفيصل المسلم ووليد الطبطبائي وفلاح الصواغ وسالم النملان ومبارك الوعلان وخالد السلطان ومحمد هايف وعبدالرحمن العنجري وسعد الخنفور ومحمد براك المطير وضيف الله أبورمية وحسين مزيد ومحمد الحويلة وناجي العبدالهادي وحسن جوهر وصالح الملا وعبدالله الرومي وأسيل العوضي ومرزوق الغانم وعادل الصرعاوي.
وضع المحلل يعطي الحكومة الشرعية
رد وزير الإعلام الشيخ محمد العبدالله على سؤال بخصوص العضو المحلل في الحكومة وهل تسقط عضويته بقوله: لحسن الحظ فإن المحلل في هذه الحكومة هو عضو في مجلس 2009، ووجوده في الحكومة يعطي الحكومة الشرعية.
«الدستورية» في مصر والكويت
بين العبدالله انه لا تشابه بين حكم المحكمة الدستورية في الكويت وحكم المحكمة الدستورية في مصر ولا قاعدة حكومية سوى حسن تطبيق الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة، آملا من المجلس تطبيق اللائحة الداخلية للمجلس وتحقيق الانجاز المطلوب.
الحكم انتصار لصفاء الهاشم وروضان الروضان
حكم المحكمة الدستورية جاء فاصلا في دعوى مركز رياض للمحاماة قدمها نيابة عن صفاء الهاشم وروضان الروضان بإبطال مرسوم حل مجلس 2009 والدعوة لانتخابات 2012.
«العمل الوطني»: العودة إلى صناديق الاقتراع
قالت كتلة العمل الوطني: إننا نحترم حكم «الدستورية» الذي جاء متسقا مع ما طالبنا به من ضرورة مراعاة الجوانب الدستورية السليمة عند حل مجلس الأمة، مؤكدين على ضرورة عدم استمرار مجلس 2009، وذلك بالرجوع الى صناديق الاقتراع.
عقد اجتماعاً استثنائياً في قصر بيان أمس
مجلس الوزراء يستكمل بحث حكم «الدستورية» في اجتماع يعقد اليوم في ضوء ما تنتهي إليه دراسة وزارة العدل و«الفتوى والتشريع» من آراء
وفي تفاصيل جلسة مجلس الوزراء فقد عقد المجلس اجتماعا استثنائيا بعد ظهر امس في قصر بيان برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك.
وصرح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد بعد الاجتماع بما يلي: استعرض مجلس الوزراء في مستهل اجتماعه الحكم الصادر من المحكمة الدستورية في جلستها التي عقدت اليوم «امس» الأربعاء 30 من رجب 1433 هـ الموافق 20 يونيو 2012 برقم 6 و 30 لسنة 2012 بشأن انتخابات مجلس الأمة عام 2012 حيث نص الحكم على ما يلي (ابطال عملية الانتخاب برمتها التي أجريت بتاريخ 2/2/2012 في الدوائر الخمس وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الامة التي تمت على أساسها هذه الانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها ان يستعيد المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن وذلك على النحو الموضح بالأسباب.
وقد تدارس المجلس الخطوات والاجراءات اللازم اتخاذها تنفيذا للحكم المشار اليه فيما يتصل بالآثار المترتبة على بطلان عملية الانتخاب وعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها وكذلك ما يتعلق باستعادة المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية آخذا بعين الاعتبار أوجه الخلل الاجرائي التي شابت المرسوم رقم 433 لسنة 2011 بحل مجلس الأمة الصادر بتاريخ 6 ديسمبر 2012 بناء على الارادة الأميرية السامية ووفق الأسباب التي تضمنها المرسوم المشار اليه وسبل معالجتها وتصحيحها بكل ما تنطوي عليه هذه الأمور من اعتبارات وتفاصيل دستورية وقانونية.
وتجسيدا لاحترام مجلس الوزراء للقضاء وأحكامه وحرصا على استكمال جميع الجوانب الدستورية والقانونية الهادفة الى ضمان التنفيذ الصحيح لحكم المحكمة الدستورية وتجنب مواطن الخلل والقصور وتأمين كل ما من شأنه ضمان أن تكون جميع الخطوات والاجراءات ضمن الاطار الدستوري والقانوني السليم ومحققة للمصحة العليا للوطن، فقد قرر مجلس الوزراء استكمال بحث الموضوع في اجتماعه الذي سيعقد صباح اليوم في ضوء ما تنتهي اليه دراسة كل من وزارة العدل وادارة الفتوى والتشريع من آراء وتصورات بشأن الاجراءات الدستورية اللازمة لتنفيذ الحكم المشار اليه.
وزير الإعلام أكد أن الحكومة تؤمن إيماناً كاملاً باستمرار الأسباب الموضوعية التي وردت في مرسوم حل المجلس
العبدالله: خلل إجرائي في مرسوم حل مجلس 2009 سبب بطلان انتخابات 2012
- ما نقوم به حالياً في مجلس الوزراء استكمال لإجراءات تنفيذ حكم «الدستورية»
أسامة أبوالسعود
وعودة الى المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الاعلام الشيخ محمد العبدالله بمقر وزارة الاعلام بحضور وسائل اعلام محلية وعربية وعالمية لتوضيح آليات تعامل الحكومة مع تنفيذ حكم المحكمة الدستورية الصادر امس ببطلان انتخابات مجلس 2012 وإعادة مجلس 2009 بكامل اختصاصاته، فقد اكد العبدالله ان آلية التعامل مع الاحكام تستند الى اكثر من نص، والحكم حتى الآن لم يرد بصيغه تنفيذيه ولم يستكمل شكله الدستوري بعد.
في بداية المؤتمر، تلا الوزير العبدالله بيان مجلس الوزراء عن الاجتماع الاستثنائي امس، مشيرا الى ان مرسوم الحل 433 تم ابطاله لاسباب اجرائية وليس لاسباب موضوعيه والارادة السامية بحل المجلس مازالت قائمة الاسس الموضوعية.
وزاد: ان ما حُكم ببطلانه هو الاسلوب الذي تم به الحل والية تنفيذ ما ورد في الحكم الصادر مع ايمان الحكومة بقيام الاسباب لحل مجلس الامة، وما تم ابطاله هو السلطة التشريعية، اما فيما يخص الحكومة «فنحن كوزارة اقسمنا قسمين قسم امام صاحب السمو الامير فيما يخص العمل التنفيذي وقسم امام السلطة التشريعية وهذا يختص بالجانب التشريعي».
وتابع: ما تم ابطاله هو المرسوم الذي ادى الى مجلس الامة، انتفت صفتنا التشريعية ولم تنتف صفتنا التنفيذية.
وردا على سؤال عن العضو المحلل وسقوط عضويته، قال العبدالله: لحسن الحظ ان العضو المحلل في هذه الحكومة هو عضو في مجلس 2009، ووجوده في الحكومة يعطي الحكومة الشرعية ضمن الواقع الحالي.
وبين ان حكم المحكمة الدستورية حكم واجب علينا احترامه قولا واحدا وكل الاجراءات التي اتخذت لحل المجلس السابق لم يكن لها الشكل القانوني السليم.
وردا على سؤال عن تهديد البعض باللجوء لساحة الارادة، اجاب الوزير قائلا: حق التجمعات مكفول دستوريا، وحق التعبير عن الرأي كفله الدستور، وكلنا ننتمي الى ذات الارض ونحمل فكرا متقاربا فيما يخص مصلحة الوطن وعلى الجميع الالتزام بالقانون.
واوضح ان النزول الى الشارع نتمنى التعامل معه بطريقة حضارية وايجابية وأي تجمع يأمل الاستقرار والوصول الى مصاف الدول المتقدمة عليه القبول بالاحكام التي تصدر من المحاكم المعتمدة ومن له رأي آخر عليه اتباع القانون.
وتابع: ان القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس تظل سارية ونافذة ما لم تلغ او يصدر حكم محكمه ببطلانها وتشرف الحكومة بتطبيق كل ما يصدر من السلطة القضائية وان كان احكام قضائية بتعويضات كتبعات للحكم.
وأكد أنه لا علاقة بين مرسوم تعليقا الجلسات شهرا وبين حكم المحكمة الدستورية، لأن جلسة الحكم كانت محددة منذ شهر ابريل. وبين ان لا تشبيه بين حكم المحكمة الدستورية في الكويت وحكم المحكمة الدستورية في مصر ولا قاعدة حكومية سوى حسن تطبيق الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الامة، ونأمل من المجلس تطبيق اللائحة الداخلية للمجلس وتحقيق الانجاز المطلوب.
وحول اجراءات وزارة الاعلام لمتابعة المنشور في بعض وسائل الاعلام وتسريبات الحكم، قال الوزير العبدالله ان وزارة الاعلام ستطبق كل الاجراءات القانونية نحو كل من يشكك في القضاء ولن نغمض اعيننا عن احد.
وفي رده حول عودة الشيخ ناصر المحمد، قال: الحكم اختص بالجانب الشكلي لحل مجلس 2009 وما تم ابطاله هو مجلس 2012 ولم يتم ابطال مراسيم تشكيل الحكومة، فهذا من صلاحيات صاحب السمو الامير ولا يستطيع احد التدخل في صلاحياته.
وعن رده بشأن المطالبات بتعيين رئيس وزراء شعبي قال «المادة 56: يعين الامير رئيس الوزراء ولا سلطان عليه غير الله».
بدوره، اكد الوكيل المساعد لقطاع الاخبار يوسف مصطفى ان المؤتمر جاء من باب الشفافية التي اعتدنا عليها في الكويت ومبدأ اتاحة الفرصة لجميع وسائل الاعلام بناء على حكم المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات عام 2012.
حكم «الدستورية» بإبطال عضوية (أمة 2012) هو الأول من نوعه منذ إنشاء المحكمة
ويعتبر هذا الحكم هو الاول من نوعه منذ انشاء المحكمة بالقانون رقم 14 عام 1973.
وجاء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية اليوم برئاسة رئيس المجلس الاعلى للقضاء المستشار فيصل المرشد.
وكان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد أرجأ بمرسوم يوم الاثنين الماضي اجتماعات مجلس الامة لمدة شهر وذلك وفقا للمادة 106 من الدستور التي تنص على أن «للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لاتتجاوز شهرا».
ووفقا لصلاحياتها فإن المحكمة الدستورية تختص دون غيرها بـ «تفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح والطعون الخاصة بانتخابات مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم» على أن يكون حكمها ملزما للكافة ولسائر المحاكم.
وحسب المادة الخامسة لقانون انشاء هذه المحكمة فإن الطعون الانتخابية الخاصة بمجلس الامة تقدم الى المحكمة مباشرة أو عن طريق المجلس وفقا للاجراءات المقررة في هذا الشأن.
وجاء منطوق الحكم الصادر اليوم على النحو الآتي «حكمت المحكمة بإبطال عملية الانتخاب برمتها التي أجريت في 2/2/2012 في الدوائر الانتخابية الخمس وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الامة (2009) وبطلان دعوة الناخبين لانتخابات أعضاء مجلس الامة والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن يستعيد المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن وذلك على النحو الموضح بالأسباب».
وبذلك ووفقا للمادة السادسة من قانون إنشاء المحكمة الدستورية فإن هذه المحكمة إذا قررت عدم دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو عدم شرعية لائحة من اللوائح لمخالفتها قانون نافذ فإنه يجب على السلطات المختصة أن تبادر الى اتخاذ ما يلزم من تدابير لتصحيح هذه المخالفات.
ووفقا لهذا التفسير فإن المجلس السابق الذي تم حله في شهر ديسمبر الماضي يقدر له أن يستعيد مرة أخرى سلطته الدستورية بعد حكم المحكمة الدستورية الصادر امس.
دستوريون لـ «الأنباء»: حكم «الدستورية» نهائي ومن الممكن صدور مرسوم جديد بحل مجلس الأمة العائد
آلاء خليفة
الى ذلك أكد عدد من الخبراء الدستوريين في تصريحات خاصة لـ «الأنباء» انه لا تعقيب على أحكام المحكمة الدستورية والتي تعتبر نهائية، وذلك في تصريحاتهم حول حكم المحكمة الدستورية الذي صدر أمس وقضى ببطلان انتخابات مجلس الامة 2012 وعدم صحة مرسوم حل مجلس الامة 2009، موضحين انه من الممكن صدور مرسوم جديد بحل مجلس الامة العائد بعد عودته والدعوة الى انتخابات جديدة.
من جهته قال الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.محمد الفيلي لـ «الأنباء»: إذا أخذنا بموقف القضاء المقارن، فإن المحكمة لا تحكم بالحل، إنما تحكم بالبطلان، وفي سبيل الوصول الى تنفيذ حكمها يلزم صدور مرسوم يقرر الحل دون أن يستند الى قضية العلاقة بين السلطات، وإنما يستند الى عدم مشروعية المجلس، وبالتالي فمن الناحية الإجرائية وأخذا بتوجه القضاء المقارن من المنطقي أن يصدر مرسوم بالحل بناء على الحكم القضائي.
وتابع قائلا: وبعد صدور ذلك المرسوم، وتطبيقا لفكرة أثر الحكم بالإلغاء يفترض ان يعود الوضع السابق بأن هناك مجلسا قد تم حله بناء على مرسوم غير سليم، وهذا المجلس يفترض ان يعود بدعوة للانعقاد، والسؤال هنا هل تلك المدة هي وقف لعمله، وبالتالي يستكمل مدته الدستورية، باعتبار ان مدة الفصل التشريعي أربع سنوات؟ قد يكون هذا برأيي هو الرأي الأرجح، باعتبار ان المدة التي توقف عمله فيها لم يكن موجود من الناحية القانونية وبالتالي يفترض ان يكمل وجوده من الناحية القانونية، وجميع تلك الآراء يجب التعامل معها في ضوء عدم قراءة النص الكامل للحكم، فنحن أمام عناوين واجتهاداتنا تنطلق من العناوين أما الاجتهاد النهائي يكون بعد قراءة كامل الحكم وكامل حيثياته.
من ناحيته، قال أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.إبراهيم الحمود لـ «الأنباء»: يتضح لنا من خلال حكم المحكمة الدستورية ان مجلس الامة السابق مازال قائما ويعود مرة أخرى لممارسة مهامه التي نص عليها الدستور، باعتبار ان مرسوم حله كان باطلا وغير صحيح، وبالتالي يعود أعضاؤه السابقون لممارسة حياتهم السياسية في مجلس الامة، ووضح الحمود انه لا يمكن التعليق على أحكام القضاء التي تتمتع بكامل القدسية والاحترام لاسيما انه حكم نهائي صادر من المحكمة الدستورية، مشيرا الى انه لن تتم الدعوة الى انتخابات جديدة وفقا لحكم المحكمة الدستورية وانما سيعود مجلس 2009 بكامل أعضائه ولكن بعد ذلك قد يقرر صاحب السمو الأمير حل المجلس والدعوة لانتخابات جديدة.
وأوضح أستاذ القانون الدستوري بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د.غازي العياش لـ «الأنباء» أن المحكمة الدستورية غلبت الجانب السياسي على الجانب القانوني بالإضافة الى انها أخذت بفكرة دور الاعتبارات العملية على أحكام المحكمة الدستورية، وأرتات عدم النظر في السجال القانوني في الطعن بإبطال عضوية بعض النواب وألغت مرسوم الدعوة، متابعا: ونحن سنكون امام أحكام متناقضة، فصحيح ان حكم المحكمة الدستورية هو الاولى في التطبيق ولكن ليس من اختصاصها النظر في مراسيم الدعوة فهي من اعمال السيادة وصدرت أحكام من المحكمة الادارية تؤكد انها من اعمال السيادة وبالتالي لا يجوز النظر فيها، والاصل العام في اختصاص المحكمة الدستورية هو النظر في العملية الاعتقادية «التصويت، اعلان النتائج»، وهل هناك قرائن قوية أدت الى إبطال عضوية أو النظر في الشروط الواجب توافرها في النائب، اما الدخول في هذه الناحية يعني ان المحكمة الدستورية خلقت منهجية جديدة في النظر بدعوة المرسوم بالحل والابطال وبالتالي نحن امام شبه نسف لفكرة عملية اعمال السيادة بان دعوة الحل والأمور التي تتعلق بالبرلمان والحكومة هي اعمال سيادة وبالتالي لا تختص المحاكم بنظرها.
وأردف العياش قائلا: واختصاص المحكمة الدستورية يفترض ان يكون ضيق وغير متوسع، والحل الانسب حاليا هو عودة المجلس السابق، ويفترض ان الحكومة حاليا ممثلة بصاحب السمو الأمير ومجلس الوزراء ان تنظر الى الملاءمة السياسية وتطلب حل المجلس السابق بعد عودته والدعوة لانتخابات جديدة وهذا ما سيرضي الشعب الكويتي وفيما يخص القوانين التي صدرت خلال مدة المجلس الحالي فقال العياش: مما لاشك فيه انها قوانين صحيحة 100% تطبيقا لفكرة العمل الفعلي والمحكمة الدستورية ذكرت في أحكام سابقة أن إبطال عضوية النواب لا يؤثر على صدور القوانين ما لم تتعرض المحكمة الدستورية في حكمها لمدى صحة تلك القوانين.
وذكر العياش: اننا امام مشكلة أخرى تتعلق بمدى امكانية استمرار الحكومة الحالية في عملها، وبالتالي فالأنسب تشكيل حكومة جديدة وحل المجلس السابق الذي يرأسه جاسم الخرافي ومن ثم الدعوة لانتخابات جديدة وخلاف ذلك أتوقع اننا سنكون أمام سجال شعبي والدخول في ساحة الإرادة ومشاكل سياسية اخرى نحن في غنى عنها.
ولفت أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.خليفة الحميدة لـ «الأنباء» الى ان هذا الحكم يعتبر حكما مفاجئا وهذا ينهي وجود نظرية أعمال السيادة التي تعني ان القرارات الصادرة والمراسيم بين السلطتين لا تتبع سلطة القضاء لما فيها من اعتبارات سياسية، وقال الحميدة: ومما لاشك فيه ان نص الحكم واضح والمحصلة النهائية له انتهاء مجلس الامة الحالي وعودة المجلس السابق الذي تم حله، موضحا ان الحكم ينص على عودة المجلس السابق بكامل أعضائه نتيجة حكم المحكمة الدستورية بعدم صحة مرسوم حل مجلس الامة السابق وإرجاع النواب السابقين الى مناصبهم متوقعا ان ذلك الامر سيؤدي الى حدوث الكثير من الاشكاليات التطبيقية، موضحا ان بعد عودة المجلس المنحل يمكن لصاحب السمو الأمير إصدار مرسوم جديد بحل المجلس الذي عاد والدعوة لانتخابات جديدة خلال شهرين.
آراء قانونية حول الحكم
- يستعيد المجلس المنحل ـ بقوة الدستور ـ سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن
- القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطاله تظل سارية ونافذة إلى أن يتم إلغاؤها او يُقضى بعدم دستوريتها
- حل المجلس السابق قد جاء مشوباً بالبطلان ويضحي هو والعدم سواء يستوجب عدم الاعتداد به وترتيب آثاره بما يستتبعه ذلك من بطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة التي جاءت ابتناء على هذا الحل الباطل كما تغدو معه إرادة الناخبين في هذه الحالة قد وردت في غير محل بعد إذ جاءت الانتخابات وليدة إجراءات باطلة أُهدرت فيها القيود الإجرائية في الدستور
مؤمن المصري
وتعليقا على الحكم صرح المحامي عبدالحميد منصور الصراف بأن لدستورنا حرمة، ولنصوصه مهابة، ولأحكامه السمع والطاعة، هكذا أوردت محكمتنا الدستورية في أسباب حكمها على واقع عاشته الأمة عرض عليها لتقول كلمتها فيه.
فقد سطر قضاتها الأجلاء الحكم بإبطال عملية انتخاب مجلس الأمة التي أجريت في تاريخ 2/2/2012م في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة، وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات، وغلبوا أحكام الدستور على ما سواها من القواعد القانونية، ملتزمين ضوابط العمل القضائي وضماناته بعيدا عن العمل السياسي بحساباته وتقديراته، ملتزمين صحيح اختصاص المحكمة الدستورية.
حقا، إن فينا قضاة أجلاء فيهم من الحق عبيره، ومن العدل أريجه كانت ومازالت وستبقى أبد الدهر منصتهم قبلتنا ومنارتنا التي بها نعتصم وإليها نرتكن. وللأخ الحبيب جاسم الخرافي، لقد تركتها زهدا فيها، وجاءتك فخرا بك.
وفيما يلي نص حكم المحكمة الدستورية:
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
المحكمة الدستورية
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 30 من شهر رجب 1433هـ الموافق 20 يونيو 2012 برئاسة السيد المستشار/فيصل عبدالعزيز المرشد رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ راشد يعقوب الشراح وخالد سالم علي ومحمد جاسم بن ناجي وعادل ماجد بورسلي، وحضور السيد/سعود عبدالعزيز الحجيلان أمين سر الجلسة صدر الحكم الآتي:
في الطلبين المقيدين في سجل المحكمة الدستورية برقم 6 و30 لسنة 2012 «طعون خاصة بانتخابات مجلس الأمة عام 2012»
المقدمين من: صفاء عبدالرحمن عبدالعزيز الهاشم ضد:
٭ رئيس مجلس الوزراء بصفته
٭ وزير الداخلية بصفته
٭ وكيل وزارة العدل بصفته
٭ أمين عام مجلس الوزراء بصفته
٭ رئيس اللجنة العامة لشؤون الانتخابات بصفته
٭ رئيس مجلس الأمة بصفته
٭ فيصل علي المسلم
٭ فيصل صالح اليحيى
٭ وليد مساعد الطبطبائي
٭ محمد حسين الدلال
٭ أحمد عبدالعزيز السعدون
٭ علي صالح العمير
٭ شايع عبدالرحمن الشايع
٭ نبيل نوري الفضل
٭ محمد سالم الجويهل
٭ عمار محمد العجمي
الوقائع
حيث ان الوقائع ـ وعلى ما يبين من الأوراق ـ تتحصل في ان الطالبة قدمت طلبا طعنت فيه ببطلان انتخابات مجلس الأمة التي اجريت بتاريخ 2/2/2012 في الدائرة الانتخابية (الثالثة)، وذلك بموجب صحيفة موقعة من المحامي (ابراهيم القلاف) نيابة عنها، تم ايداعها ادارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 15/2/2012 قيدت في سجلها برقم 6 لسنة 2012 وطلب آخر سبق لها تقديمه بذات الشكل والمضمون الى الأمانة العامة لمجلس الأمة بتاريخ 6/2/2012، ورد الى هذه المحكمة بتاريخ 19/2/2012 جرى قيده بسجلها برقم 30 لسنة 2012، وتم اعلان المطعون ضدهم بذلك، وأسست الطالبة طعنها ـ على نحو ما جاء بهذين الطلبين ـ على سند حاصله ان هذه الانتخابات قد اعتورها مخالفات دستورية في الإجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان لانطوائها على خرق لنصوص الدستور، فضلا عما شاب عملية الانتخاب سواء في الاقتراع أو فرز الأصوات أو تجميعها من أخطاء جوهرية وعيوب جسيمة تؤدي الى إبطال الانتخاب في تلك الدائرة.
وبنت الطاعنة نعيها في هذا الصدد على أكثر من سبب وذلك وفقا لما يلي:
السبب الأول: ان المرسوم رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الأمة قد صدر مخالفا للدستور مما يصمه بالبطلان، اذ ان مؤدي نص المادة 129 من الدستور انه اذا عين رئيس مجلس وزراء جديد محل رئيس مجلس الوزراء المستقيل زالت صفة جميع الوزراء في الوزارة المستقيلة، ولم يعد لرئيس مجلس الوزراء وسائر الوزراء في وزارته المستقيلة أي حق في الاستمرار في عملهم كحكومة تصريف أعمال بعد أداء رئيس مجلس الوزراء الجديد اليمين الدستورية امام أمير البلاد، وان الأمر الأميري بتعيين رئيس مجلس الوزراء الجديد تضمن تكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، وبالتالي فلا يتصور ان يمارس أي عمل قبل تشكيل وزارته، بيد انه لم تجر الأمور وفقا لمجراها الطبيعي ولم يبادر رئيس مجلس الوزراء الجديد الى تشكيل أعضاء الوزارة الجديدة وفقا لأمر تعيينه، بل تراخى في ذلك خلال تلك الفترة الحرجة بعد زوال صفة الوزارة المستقيلة، حيث باشر رئيس مجلس الوزراء الجديد صلاحياته منفردا وقبل تشكيل مجلس الوزراء الجديد، فاستعار أعضاء الوزارة المستقيلة، ونظمهم في اجتماع لمجلس الوزراء بتاريخ 6/12/2011 وقرر رفع كتاب لأمير البلاد بحل مجلس الأمة، مما يجعل إجراء الحل مخالفا للدستور، ويضحي معه المرسوم الصادر في هذا الشأن باطلا بطلانا مطلقا هو والعدم سواء يستوجب والحال كذلك عدم الاعتداد به وعدم ترتيب اثاره واعتباره كأن لم يكن.
السبب الثاني: أن المرسوم رقم (447) لسنة 2011 بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة قد صدر مشوبا بالبطلان، إذ جاءت هذه الدعوة بناء على طلب وزارة تخلف في شأنها عنصر جوهري من عناصر قيامها ووجودها، وخلت من تعيين اي وزير فيها من أعضاء مجلس الأمة، ودون ان يلتزم في تشكيلها بالقيد الدستوري ـ المنصوص عليه في المادة (56) من الدستور ـ والذي يقضي بوجوب ان يكون تعيين الوزراء من بين اعضاء مجلس الأمة، الأمر الذي يكون معه هذا المرسوم منعدما لا يرتب أثرا قانونيا لمخالفته للدستور، ولا وجه للتذرع بقيام حالة ضرورة ـ يتطلب معها سد فراغ دستوري ـ أوجدها مرسوم الحل الذي صدر باطلا وان يُتخذ من ذلك تكئة للتحلل من هذا الشرط الدستوري بالمخالفة لصريح نص الدستور.
السبب الثالث: انه قد ترتب على جميع هذه الاجراءات المنعدمة ان ضررا حالا حاق بالطاعنة لحق بها من جراء ذلك، إذ أخذت على حين غرة، ففوجئت بها دون ان تأخذ عدتها، او يتسنى لها ترتيب أوضاعها، او ان تأخذ الوقت الكافي للدعاية الانتخابية واتصالها بالناخبين وما عسى ان يستلزمه ذلك من التنقل من منطقة الى اخرى في تلك الدائرة، بحسبان أنها كانت تضع في اعتبارها المدة المتبقية لمجلس الأمة المنحل للقيام خلالها بالدعاية الانتخابية، والتي أضحت تتطلب منها جهدا كبيرا، بسبب اتساع مساحة الدائرة والتي لم تعد تقتصر على منطقتها التي تقطن فيها فحسب، بل امتدت لتشمل مناطق عديدة بالبلاد لاختيار عشرة أعضاء لكل دائرة من الدوائر الخمس، بدلا من خمس وعشرين دائرة انتخابية التي كانت مقررة من قبل ويُنتخب عضوان لها، دون تكبيل ارادة الناخب وتحديدها باختياره أربعة أعضاء، وقد أدى تقسيم الدوائر الانتخابية على هذا الوجه الى ان أجريت هذه الانتخابات بالدائرة في ظل منافسة غير متكافئة بين المرشحين، ودون النظر الى اتساع مساحتها او الى التفاوت الظاهر بين الدوائر المختلفة من حيث عدد أصوات الناخبين بما من شأنه أن يفضي الى عدم تحقيق المساواة في التصويت بحيث يكون عاكسا عن صدق التعبير عن الإرادة الشعبية الحقة، وبذلك تكون قد غابت عن التمثيل النيابي أهم خصائصه وأغراضه، مما ينعكس ذلك بحكم اللزوم على شرعية الانتخاب.
السبب الرابع: ان الدائرة التي خاضت الطاعنة الانتخابات فيها بالإضافة الى اتساع مساحتها وما أدى اليه تقسيم الدوائر الانتخابية على النحو سالف البيان وإلى تكريس القبلية بما يجعل النائب أسيرا لناخبيه، ويحمل النائب على اعتبار نفسه ممثلا لدائرته فقط لا لمجموع الأمة بما من شأنه ان ينهدم ركن من أركان النظام النيابي، فإنه فضلا عن ذلك، فإن هذه الدائرة تنطلق منها أيضا العديد من التجمعات السياسية والكتل، فكان ان حشدت هذه التجمعات والكتل والقبائل مرشحيها في هذه الانتخابات وجرت المنافسة في تلك الدائرة بين أكبر عدد من المرشحين، حيث بلغ عددهم ما يزيد على 75 مرشحا، وهو عدد لم يحدث في اي انتخابات من قبل، مما شهد معه يوم الاقتراع فوضى كبيرة في اللجان وفي مراكز الاقتراع بالدائرة بصفة عامة، نجمت عنها عيوب جوهرية وأخطاء جسيمة في عملية فرز الأصوات وتجميعها، ترتب عليها تغير مراكز المرشحين، من شأنها ان تلقي بظلال كثيفة من الشك حول صحة النتيجة التي أعلنت في تلك الدائرة وأسفرت عن عدم فوزها فيها، على الرغم من انها قد حصلت على عدد كبير من الأصوات تجعلها ضمن الفائزين في هذه الانتخابات.
هذا وقد نظرت هذه المحكمة الطعنين على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وقررت ضم الطعن رقم (30) لسنة 2012 إلى الطعن رقم (6) لسنة 2012 للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وطلبت المحكمة من وزارة الداخلية (إدارة الانتخابات) موافاتها ببيان مفصل بأسماء المرشحين في الدائرة (الثالثة) في انتخابات مجلس الأمة عام 2012، وعدد الناخبين المقيدين فيها، وذلك من واقع ما لدى الوزارة من سجلات وأوراق، شاملا هذا البيان عدد المقترعين في الدائرة، والنسبة المئوية لعدد الذين أدلوا بأصواتهم من مجموع عدد الناخبين، وعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في كل لجنة من لجان الدائرة، وعدد الأصوات الصحيحة، وعدد الأصوات الباطلة، وما أسفرت عنه نتيجة الفرز التجميعي بالنسبة إلى جميع المرشحين، وأسماء الفائزين في الانتخابات في هذه الدائرة موضحا قرين كل منهم مجموع الأصوات التي حصل عليها وفقا للنتائج المعلنة، وكذلك موافاة المحكمة بصور من جميع المحاضر التي تلقتها الوزارة من لجان الدائرة الانتخابية المشار اليها. وبعد أن تلقت المحكمة ما طلب من الوزارة من بيان وأوراق، ندبت السيدين المستشارين محمد جاسم بن ناجي وعادل ماجد بورسلي ـ عضوي المحكمة ـ للانتقال الى مقر الامانة العامة لمجلس الأمة واتخاذ اللازم نحو فتح صناديق الانتخاب الخاصة بالدائرة الثالثة (منطقة قرطبة) لاستخراج محضر اللجنة رقم 63، وهو المحضر الذي لم يرد رفق كتاب وزارة الداخلية في هذا الشأن، وقد انتقل عضوا المحكمة المنتدبان الى مقر الأمانة العامة لمجلس الأمة يوم 1/4/2012 لأداء المهمة الموكلة اليهما على النحو الثابت بمحضر الانتقال (المودع ملف الطعنين) حيث تم ضم محضر اللجنة المشار اليها، وتمكين الخصوم من الاطلاع على جميع الأوراق وإبداء دفاعهم.
وقدم الحاضر عن الطاعنة المحامي (إبراهيم القلاف) مذكرة بدفاعها صممت فيها على طلباتها بإبطال الانتخاب، كما قدمت المحامية (مريم الزعابي) الحاضرة عن المطعون ضده التاسع (وليد الطبطبائي) مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم أصليا: بعدم قبول الطعنين شكلا لعدم توقيع صحيفة الطعن من محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة الدستورية، واحتياطيا: برفض الطعن، كما أودع المحامي (عبدالعزيز العسعوسي) عن المطعون ضده الخامس عشر (محمد الجويهل) مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن، وقدم المحامي (عبدالرحمن الحميدان) الحاضر عن المطعون ضده السادس عشر (عمار العجمي) مذكرة طلب فيها الحكم أصليا: بعدم قبول الطعنين شكلا لأن الطاعنة لم تشفع طلب الطعن بالمستندات المؤيدة له على نحو ما تقضي به لائحة المحكمة، واحتياطيا: برفض الطعن، كما حضر ممثلو إدارة الفتوى والتشريع (جمال الجلاوي وعلي مناور وصلاح الماجد) عن المطعون ضدهم من (الأول) الى (السادس)، وقدموا مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الشق المتعلق بطلب الطاعنة إبطال الانتخاب لبطلان المرسوم الأميري بحل مجلس الأمة، والمرسوم الأميري بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، باعتبار أن هذين المرسومين قد صدرا عن أمير البلاد بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية، في أمور تتعلق بممارسة سلطة الحكم، وتعتبر من الأعمال السياسية التي تتحمل السلطة التنفيذية كامل المسؤولية السياسية بصددها بغير معقب من القضاء، بالإضافة الى ان اختيار الوزراء وتشكيل مجلس الوزراء يعتبر من أعمال السيادة التي لا يدخل النظر فيها ولا التعقيب عليها في اختصاص القضاء، كما فوض ممثلو إدارة الفتوى والتشريع الرأي للمحكمة في الشق المتعلق بطلب الطاعنة بإعادة فرز الأصوات وتجميعها.
وبجلسة 17/4/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وخلال هذا الأجل أودعت الطاعنة مذكرة صممت فيها على طلباتها التي سبق أن أبدتها في دفاعها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث انه عن الدفع المبدى من المطعون ضده (التاسع) بعدم قبول الطعنين شكلا لعدم توقيع صحيفتيهما من محام مقبول أمام هذه المحكمة، فهو دفع في غير محله، ذلك أنه من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن الإجراءات المتعلقة بالطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم قد انتظمتها نصوص خاصة في قانون إنشائها ولائحتها، ومجال الطعن متاح أمام هذه المحكمة لكل ناخب أو مرشح طبقا لقانون الانتخاب في طلب إبطال الانتخاب الذي حصل في دائرته الانتخابية، ولا يشترط إفراغ طلب الطعن في شكل معين أو استلزام أن يكون الطلب موقعا عليه من محام، بيد أنه لا ينال من صحة الطلب أن يكون بصحيفة طعن موقعة من محام صدرت له وكالة خاصة من الطالب في هذا الشأن. ومتى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه تم توقيع صحيفتي الطعنين من محام ثبتت وكالته عن الطاعنة بموجب توكيل خاص مودع ملف الطعنين يخول له الطعن في هذا الانتخاب نيابة عنها، فإنه يتعين ومن ثم رفض هذا الدفع.
وحيث إنه بالنسبة الى ما دفع به المطعون ضده (السادس عشر) من عدم قبول الطعن لأن الطاعنة لم تشفع طلب الطعن بالمستندات المؤيدة له على نحو ما تقضي به لائحة المحكمة، فمردود بما هو مقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ من أنه لا يترتب على ذلك حتما بطلان الطلب او عدم قبوله، مادام قد اشتمل على بيان اسباب الطعن، كاف لتحديد نطاقه واسانيده، وهو الامر الحاصل في طلب الطعن الماثل، ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
وحيث ان الطعنين قد استوفيا اوضاعهما الشكلية.
وحيث ان مبنى نعي الطاعنة ببطلان الانتخابات التي اجريت في الدائرة الانتخابية (الثالثة)، ان هذه الانتخابات قد اعتبرها مخالفات دستورية في الاجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان لانطوائها على خروج نصوص الدستور، فضلا عما شاب عملية الانتخاب سواء في الاقتراع او فرز الاصوات او تجميعها من اخطاء جوهرية وعيوب جسيمة من شأنها ان تؤدي الى ابطال الانتخاب في تلك الدائرة.
وحيث ان ادارة الفتوى والتشريع قد ذهبت في دفاعها الى ان ما اثارته الطاعنة في طلبها متعلقا ببطلان المرسوم الاميري بحل مجلس الامة، والمرسوم الاميري بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة، لا تختص هذه المحكمة بنظره، باعتبار ان هذين المرسومين فيما تناولاه يتصل بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، وهي من الاعمال السياسية التي تتأبى بحكم طبيعتها ان تكون محلا للتقاضي، تحقيقا لسيادة الدولة وحفظا لكيانها ورعاية مصالحها العليا، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب عليها، لان النظر في تلك الاعمال يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين يخرج زمام تقديرها عن اختصاص القضاء، فضلا عن ان اختيار الوزراء وتشكيل مجلس الوزراء من الامور التي تنحسر عنها ولاية القضاء باعتبارها من اعمال السيادة، وهو ما فتئ المشرع على تأكيده في قانون تنظيم القضاء رقم 23 لسنة 1990 بالنص في المادة الثانية منه على انه ليس للمحاكم ان تنظر في اعمال السيادة.
وحيث ان ما اثارته ادارة الفتوى والتشريع في هذا الشأن، مردود بما يلي:
اولا: ان الواضح من نعي الطاعنة في هذا الشق من طلبها ان نطاقه قد اقتصر على الاجراءات التي اتخذتها السلطة التنفيذية في حل مجلس الامة، وكذا في دعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة، قولا من الطاعنة بأن هذه الاجراءات والتي مهدت الى هذه الانتخابات قد خالفت القيود الاجرائية المنصوص عليها في الدستور، وفي هذا النطاق وحده ينحصر نعيها في هذا الشق من طلبها، ولا يتعداه الى البحث في الملاءمات او التغلغل وفي بواعث اصدار هذين المرسومين، او التدخل في الولاية المنفردة للسلطة التنفيذية والتي لا تخول للقضاء الحلول محلها فيما قصره الدستور عليها، ولا ريب في ان القيود الاجرائية التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لا يجوز اسقاطها او تجاوزها او التحلل منها تذرعا بأنها اعمال سياسية، اذ ان هذا القول لا يستقيم في مجال اعمال سلطتها المقيدة طبقا للدستور.
ثانيا: ان الطعون المتعلقة بانتخاب مجلس الامة او بصحة عضويتهم لها طبيعتها الخاصة، ونظر هذه الطعون امام المحكمة الدستورية تحكمه التشريعات المنظمة لاختصاصها، والاجراءات المتعلقة بهذه الطعون تنظمها نصوص خاصة، والى احكام هذه التشريعات يكون مرد الامر في مباشرة اختصاصها بلا افراط او تفريط او توسعة او تضييق ودون تغول او انتقاص، والمحكمة وهي تفصل في هذه الطعون بوصفها محكمة موضوع ملتزمة بإنزال حكم القانون على واقع ما هو معروض عليها وتغليب احكام الدستور على ما سواها من القواعد القانونية، مقيدة في ذلك بضوابط العمل القضائي وضماناته، بعيدا عن العمل السياسي بحساباته وتقديراته، وهي من بعد لا تخوض في اختصاص ليس لها، او تتخلى عن اختصاص انيط بها، كما لا يجوز لها بالتالي ان تترخص فيما عهد اليها به، كلما كان تعرضها لما اثير امامها من مسائل لازما تدخلها، بما يكفل سيادة الدستور.
ثالثا: ان اختصاص هذه المحكمة بالفصل في هذه الطعون هو اختصاص شامل، وقد جاء نص المادة الاولى من قانون انشائها دالا على ذلك، وبما يشمل بسط رقابتها على عملية الانتخاب برمتها للتأكد من صحتها او فسادها.
ولا خلف في ان الانتخابات انما ترتبط بالبداهة بالالتزام بضوابطها واجراءاتها، فإن صحت هذه الاجراءات والتزمت ضوابطها مهدت لصحة عملية الانتخاب، وان تسرب اليها الخلل تزعزع الانتخاب من اساسه، وبالتالي فإن الطعن على اجراءات هذه الانتخابات يستغرقه بحكم اللزوم اختصاص هذه المحكمة بنظره لتأثير الفصل فيه بحكم الضرورة على عملية الانتخاب.
رابعا: ليس من المقبول ان يسمح للنظام الدستوري بالرقابة القضائية على دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح توصلا الى الحكم بعدم دستورية التشريعات المخالفة للدستور سواء صدرت هذه التشريعات من السلطة التشريعية او من السلطة التنفيذية، وان يعهد بهذا الاختصاص الى المحكمة الدستورية وهي جهة قضائية نص عليها الدستور في صلبه، كافلا بها للشرعية الدستورية اسسها، مقيما منها مرجعا نهائيا لتفسير احكام الدستور، ورقيبة على الالتزام بقواعده اعلاء لنصوص الدستور وحفظا لكيانه في حين تستعصي بعض الاجراءات الممهدة لعملية الانتخاب والصادر بشأنها قرارات من السلطة التنفيذية على الفحص والتدقيق من قبل هذه المحكمة لدى مباشرة اختصاصها بنظر الطعون الانتخابية للاستيثاق من اتفاق او تعارض هذه الاجراءات مع الدستور والا جاز التذرع بوجود مناطق من الدستور لا يجوز لهذه المحكمة ان تمد بصرها اليها فتغدو هذه القرارات وهي ادنى مرتبة من القانون اكثر قوة وامتيازا من القانون نفسه.
ولما كان ما تقدم وكان ما ذهبت اليه ادارة الفتوى والتشريع لا يلتئم مع طبيعة اختصاص هذه المحكمة للاعتبارات سالفة البيان، فان ما اثارته في هذا الدفاع يكون مسوقا في غير موضعه.
وحيث ان السبب الاول من اسباب نعي الطاعنة ببطلان هذه الانتخابات انها قد اعتورها مخالفات دستورية في الاجراءات الممهدة لها تصمها بالبطلان، قولا من الطاعنة بان طلب حل مجلس الامة قد جاء من وزارة زايلتها هذه الصفة بقبول استقالتها بكاملها وذلك بعد تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء وتكليفه بترشيح اعضاء الوزارة الجديدة حيث استبق رئيس مجلس الوزراء بصفته هذه قبل تأليف هذه الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها بدعوة وزارة زايلتها هذه الصفة واستعارة وزراء منها لاخذ موافقتها على هذا الحل، ما يجعل هذا الاجراء باطلا بطلانا مطلقا يستوجب عدم الاعتداد به وعدم ترتيب اثاره واعتباره كأن لم يكن لمخالفته للدستور.
وحيث ان هذا النعي سديد ذلك ان المادة 107 من الدستور تنص على ان للامير ان يحل مجلس الامة بمرسوم تبين فيه اسباب الحل على انه لا يجوز حل المجلس لذات الاسباب مرة اخرى واذا حل المجلس وجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في اعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد. والمستفاد من ذلك ان حل مجلس الامة هو حق دستوري مقرر للسلطة التنفيذية ويعتبر احد السبل لاحكام المعادلة والتوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ومن المعلوم ان الامير يتولى سلطاته بواسطة وزرائه «م55» والمقصود بالحل هو انهاء مدة المجلس انهاء مبتسرا قبل انتهاء الاجل المقرر له، ويلزم في طلب الحل ان يكون من حكومة «وزارة» لم تبرحها هذه الصفة سواء اثر خلاف بينها وبين مجلس الامة او اذا اختل التناسب والانسجام بينهما او اقتضت له ضرورة وانه وان كان الدستور لم يقيد استعمال الحكومة لحق الحل باي قيد زمني، فلها ان تتخير توقيته وتقدير مناسباته الا ان الدستور احاط الحل – نظرا لخطورته – ببعض القيود والضمانات فيجب ان يكون حل مجلس الامة بمرسوم تبين فيه اسباب الحل، وهو امر يتطلب معه ان يوقع مرسوم الحل مع الأمير، رئيس مجلس الوزراء حتى يتحمل مسؤوليته السياسية، وانه اذا حل المجلس لا يجوز حله لذات الاسباب مرة اخرى كما انه يجب اجراء انتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، اذ ما دام ان الغرض من الحل هو الاحتكام الى الامة واخذ رأي الناخبين فيه، فلا يصح ارجاء ذلك الى امد بعيد مع استمرار السلطة التنفيذية في التصرف بلا رقيب، وبالتالي وجب دعوة الناخبين الى اجراء انتخابات جديدة والغاية من هذا الحكم هي تأكيد ضرورة اتصال الحياة النيابية فاذا لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في اعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد.
ومتى كان ذلك وكان البين من مطالعة الامر الاميري بقبول استقالة رئيس مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 28/11/2011 انه قد تضمن في المادة الأولى منه النص على ان «تقبل استقالة سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح والوزراء ويستمر كل منهم في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تشكيل الوزارة الجديدة». وأعقب ذلك صدور أمر أميري بتاريخ 30/11/2011 بتعيين رئيس لمجلس الوزراء، ونص في مادته الأولى على ان «يعين الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، ويكلف بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة وعرض أسمائهم علينا لإصدار مرسوم تعيينهم». ثم صدر المرسوم رقم 443 لسنة 2011 بحل مجلس الأمة بتاريخ 6/12/2011، حيث وردت الإشارة بديباجته الى صدوره استنادا الى المادة 107 من الدستور، وإلى ان صدوره قد جاء «إزاء ما آلت إليه الأمور وأدت الى تعثر مسيرة الإنجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد مما يستوجب العودة الى الأمة لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات القائمة وتحقيق المصلحة الوطنية»، كما جاءت الإشارة الى صدوره بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة مجلس الوزراء، مذيلا هذا المرسوم بتوقيع سمو أمير البلاد والشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء.
وإذ كان الأمر كذلك، وكان الحاصل ان هذا الحل قد جاء استنادا الى المادة 107 من الدستور، وبناء على طلب وزارة قد زايلتها هذه الصفة بقبول سمو الأمير استقالتها بكاملها، وذلك بعد ان تم تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء بأمر أميري، وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، حيث استبق رئيس مجلس الوزراء ـ بصفته هذه ـ قبل تأليف هذه الوزارة الجديدة وصدور مرسوم بتشكيلها، باستعارة أعضاء من الوزارة المستقيلة التي زالت صفتها ونظمهم في اجتماع لمجلس الوزراء لأخذ موافقتهم على هذا الحال، فإن هذا الإجراء يكون غير صحيح من الوجهة الشكلية، مخالفا لروح المبادئ الدستورية والغرض الذي من أجله شرعت سنته، إذ لا يجوز ان يُتخذ الحل الذي رخص به الدستور للحكومة استعماله، وحدد طبيعته وإجراءاته والغرض منه، ذريعة الى إهدار أحكام الدستور ومخالفتها، فللدستور حرمة ونصوصه يجب ان تصان وأحكامه لابد ان تحترم.
وبالترتيب على ما تقدم، يكون إجراء هذا الحل قد جاء مشوبا بالبطلان ويضحى هو والعدم سواء، يستوجب عدم الاعتداد به، وترتيب آثاره بما يستتبعه ذلك من بطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة التي جاءت ابتناء على هذا الحل الباطل، كما تغدو معه إرادة الناخبين في هذه الحالة قد وردت في غير محل، بعد اذ جاءت الانتخابات وليدة إجراءات باطلة أُهدرت فيها القيود الإجرائية في الدستور على نحو ما سلف بيانه، وبالتالي يكون نعي الطاعنة بهذا السبب من طعنها قائما على أساس سليم ولا حاجة من بعد الى بحث باقي أسباب الطعن، وحق القضاء ـ ومن ثم ـ بإبطال عملية الانتخاب برمتها التي أُجريت بتاريخ 2/2/2012 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها ان يستعيد المجلس المنحل ـ بقوة الدستور ـ سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن، ليكمل المدة المتبقية له أصلا ـ ما لم يطرأ من الأمور خلال تلك المدة ما يقتضي معها إعمال الأمير صلاحياته المقررة في هذا الشأن ـ وذلك إعلاء لنصوص الدستور، وتغليبا لأحكامه، حفظا لكيانه، وسلامة النظام العام الدستوري وبنيانه. ومن نافلة القول ان القوانين التي صدرت ـ خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطاله ـ تظل سارية ونافذة الى ان يتم إلغاؤها او يُقضى بعدم دستوريتها.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بإبطال عملية الانتخاب برمتها، التي أجريت بتاريخ 2/2/2012 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها، لبطلان حل مجلس الأمة وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها ان يستعيد المجلس المنحل ـ بقوة الدستور ـ سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن، وذلك على النحو الموضح بالأسباب.
واقرأ ايضاً:
نواب تعليقاً على حكم «الدستورية» ببطلان مجلس 2012: نحترم أحكام القضاء
راضي: استعادة المجلس السابق سلطاته من تاريخ النطق بالحكم في ظل الحكومة الحالية
المطيري: على أعضاء السلطات الثلاث تغليب المصلحة الوطنية
الصانع: القضاء أنصف موكلَيْ الهاشم والروضان وأنصف الشعب الكويتي