- الغيص: عايشة هي صاحبة الفضل على نفسها في تحقيق طموحها وأحلامها
- عايشة حالة استثنائية جادة في تحقيق أحلامها وطموحاتها و مثال للصبر والإصرار
رندى مرعي
انقطاعها عن الدراسة حوالي 20 عاما لم يحبط عزيمتها ولم يحد من طموحها بل على العكس زادها إصرارا على ضرورة تطوير ذاتها والسعي من أجل تحقيق أحلامها وإثبات قدراتها ولأن تكون مثالا يحتذى في الصبر والإصرار والعزيمة والإرادة، وبعد طول انتظار استطاعت عايشة حسين علي الحشاش مواصلة تحصيلها العلمي الجامعي لتحصل بعده على ليسانس في اختصاص علم النفس من جامعة الكويت.
وهذه التجربة ليست سهلة على عايشة التي لولا إصرارها وعزيمتها وتمسكها بالحياة ولولا وقوف أسرتها إلى جانبها ووالدتها سبيكة راشد الغيص على وجه الخصوص لما استطاعت عايشة تحقيق ما هي عليه اليوم ولما كان لديها الشجاعة لتتمسك بأحلامها وتقول إنها بعد الليسانس تسعى لأن تكمل الماجستير في اختصاص علم النفس، فهي تريد أن تثبت أن الإعاقة مهما كبرت ومها صعبت يجب أن تكون عاملا رئيسيا للنجاح وليس للفشل.
عايشة فتاة في مقتبل العمر صاحبتها إعاقتها منذ الولادة فهي تعاني من شلل دماغي واضطرابات حركية وتعجز عن المشي والكلام ولا تستطيع الوقوف أو استعمال يديها ولديها صعوبة في المضغ والبلع ولكن كل هذه المشاكل لم تشكل عائقا في حياة عايشة التي وبحسب قولها أنها «رضعت التصميم والعزم من عزيمة والدتها التي أصرت بعد ولادة عايشة على أن ترضعها طبيعيا مخالفة لقرار الأطباء حينها في تغذيتها اصطناعيا عبر توصيل أنبوب إلى بطنها» بل على العكس كانت هذه المشاكل عوامل طاقة لا إعاقة في شق طريق النجاح الذي تسير عليه عايشة ولن تضع له حدا.
بدأت رحلة عايشة التعليمية في المنزل منذ نعومة أظافرها حين آمن بها والداها وخاصة والدتها التي اتخذت قرارا غير مصير حياة عايشة فبعد عجز الأطباء عن حالتها رفضت والدتها الاستسلام وقررت أن تخوض معركة علاج عايشة وتأمين الحياة الطبيعية لها مدركة كل الصعاب التي قد تواجهها، لذا بدأت معها في المنزل كأي طفل طبيعي بتعليمه الأساسيات إلى أن كبرت عايشة وبعد رحلة شاقة في هذا المجال حظيت عايشة بفرصة التعلم في مدرسة خليفة لذوي الاحتياجات الخاصة حيث اكتسبت عايشة مهارات وسلوكيات كثيرة كما لمست ثقة من حولها بها وحظيت بالرعاية التي يحتاجها الطفل في تلك الفترة.
وبعد مدرسة خليفة انتقلت عايشة عام 2000 إلى مركز الرجاء لتعليم الكبار ومحو الأمية والذي يدرس الكبار من المعاقين وقد كان متقيدا بنفس السلم التعليمي والمناهج الدراسية الحكومية الصباحية والذي اعتبرته عايشة المكان الذي ستحقق فيه حلمها وطموحها لذلك قبلت بشروط المركز وهي أن تبدأ من أولى درجات السلم التعليمي الأمر الذي لم يكن صعبا على عايشة فقد اجتازت السنوات الدراسية الـ 12 بـ 7سنوات فقط ما يدل على قدراتها الذهنية العالية. وبعدها التحقت عايشة بالجامعة وتخصصت في علم النفس وحصلت على شهادة الليسانس التي لن تتوقف عندها.
المرحلة الجامعية
التجربة الجامعية لم تكن تجربة سهلة على عايشة فهي كانت قلقة منها إلى حد ما، فعلى الرغم من أن عايشة لم يكن لديها هاجس الدمج فهي تعيش في أسرة تؤمن لها الاستقرار الاجتماعي ولا تشعر بأنها منفصلة عن المجتمع الذي يحيط بها فهي أخت لـ 3 أخوات وأخ يحيطونها بكل الحب والحنان الأخوي إلى جانب علاقتها بقريباتها اللاتي تعيش معهن عايشة أيضا حياة اجتماعية كغيرها من بنات جيلها، فمسألة الدمج الاجتماعي لم تكن تشكل هاجسا لعايشة فهدفها الأول والأخير من التحاقها بالجامعة كان السعي لتحقيق طموحها والتمسك بأحلامها التي لا تتهاون في تحقيقها.
وبمساعدة والدتها، تروي عايشة مراحل تجربتها الجامعية واصفة إياها بالممتعة حيث استطاعت عايشة بذكائها وروحها المرحة وإصراراها على النجاح أن تثبت وجودها في قاعات المحاضرات وأن ينتبه لها أساتذتها ليس لأنها حالة خاصة فحسب بل لأنها حالة مميزة وفريدة من نوعها.
فعايشة كانت نموذجا للطالب المجد حيث كانت شديدة الحرص على الحضور قبل موعد المحاضرات وكانت تحضر كل محاضراتها باستثناء تلك التي تفرض عليها الضرورات الطبية والعلاجية عدم الالتحاق بها. كما أنها كانت من أكثر الطلبة مشاركة في المحاضرة وتقوم بمداخلات وذلك من خلال الاستعانة بمربيتها الخاصة حينا أو أصحابها ليكتبوا لها رسائل على الهاتف النقال بعدما تشير إليهم بالأحرف التي تريدها لتعبر عن فكرتها. أما الامتحانات فكانت تجريها بمساعدة أشخاص منتدبين من الجامعة لمساعدة معينين من الوزارة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في كتابة أجوبة الامتحانات.
التجربة الجامعية لم تكن سهلة على عايشة فقد تطلبت منها الكثير من الجهد والالتزام لتحقيق النجاح الذي تطمح له، لذا كانت تعتمد كثيرا على نفسها في الفهم داخل الصف وذلك لتسهيل عملية الدرس داخل المنزل والتي كانت تتم بمساعدة والدتها.
لم تكن التجربة الجامعية سهلة على عايشة ولكنها تحدت بها العالم وقيود الإعاقة لذا كانت شديدة الحرص على حضور كل المحاضرات على مدى السنوات الـ 4 والتي انخرطت في أجوائها بشكل تدريجي وعاشت كل لحظاتها الفرحة منها والمقلقة وحتى المحرجة منها وهنا كان تعامل الاساتذة معها على أنها طالب عادي داخل الصف أمر فيه الكثير من تعزيز الثقة بالنفس والتي كانت على مستوى عال لدى عايشة.
وطني الكويت سلمت للمجد
عايشة فتاة مؤمنة بربها بالدرجة الأولى وبوطنها بالدرجة الثانية، لذا شعارها الدائم هو «وطني الكويت سلمت للمجد» وتريد من ذلك القول بأن على الجميع مسؤولية تمجيد الكويت ورفع اسمها عاليا كل ضمن قدراته وبحسب إمكاناته وألا يتوقف الإنسان عند أي مشكلة حتى وإن كانت إعاقة وألا يسمح لها بأن تغلبه وتحبطه وتمنعه من تحقيق أحلامه بل على العكس عليه أن يتخذ من مشاكله مهما كانت وسيلة للنجاح والارتقاء بالوطن.
ومن هذا المنطلق ألفت عايشة كتاب «إعاقتي سر نجاحي» والذي اختصرت فيه 25 عاما من عمرها متحدثة عن كل ما مرت به منذ لحظة ولادتها دون أي حرج أو خوف وبكل ثقة واعتزاز أرادت عايشة أن يكون كتابها حافزا لنظرائها من ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ليتشبثوا بالأمل وأن يتمتعوا بالعزيمة والثقة بالنفس ليصلوا إلى كل أهدافهم، وانطلاقا من حسها الوطني وتقديرا لرعاية دولة الكويت لأبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة أهدت عايشة كتابها إلى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي استقبلها وأثنى على أعمالها وطريقة تواصلها، كما قدمت عايشة لسموه أيضا مشروع إعادة ترميم قصر مشرف.
نشاط اجتماعي
ونشاط عايشة لا يتوقف عند هذا الحد فهي مؤمنة بنفسها ولديها القدر الكافي من العزيمة والثقة لتكون عضوا في جمعية أولياء أمور المعاقين الكويتية، وعضوا في رابطة الدعم الذاتي في الكويت، ورائدة من رواد بوابة التدريب العالمية في ديوان سامية، كما أنها لاعبة بوشيا وهي لعبة خاصة لذوي الشلل الدماغي وقد شاركت عايشة في بطولات عالمية في هذه اللعبة.
كما أن عايشة تتقن قراءة وكتابة كل من اللغات العربية والإنجليزية والتشيكية والسلوفاكية ولديها اهتمام واسع في قضايا اجتماعية ومن أبرزها كان موضوع زواج المعاقين الذي كتبت عنه عايشة باللغتين العربية والإنجليزية في صحف محلية، مؤكدة أنه أمر طبيعي وأن هناك أفرادا من ذوي الاحتياجات الخاصة قد تزوجوا وأنجبوا ويعيشون حياة طبيعية فهذا من أبسط حقوقهم وهم سعداء بذلك.
تجارب مهنية
كما تشدد عايشة على حق المعاق في خوض التجربة المهنية وأن يكون إنسانا منتجا ونافعا مهما كان نوع الإعاقة، متطرقة إلى خوضها تجربة «عطني فرصة وشوف» والتي قامت بها رئيسة جمعية أولياء أمور المعاقين الكويتية رحاب بورسلي مع مجموعة الشايع في الأفنيوز ومع مطار الكويت، حيث أتيحت الفرصة أمام عايشة أن تتسلم الإشراف على سير العمل والمحافظة على سلامة المجموعة وكان عليها تقديم تقارير عن كل من عمل وكان الشرط الأساسي في هذه التجربة هو عدم مساعدة الأهل في هذه المهمة ما أكسب كل من شارك في هذه الحملة ثقة عالية بالنفس.
كما خاضت عايشة بعد تخرجها من الجامعة تجربة التدرب في الطب النفسي، حيث كانت تقوم بمساعدة مدربتها بمقابلة الحالة ودرسها وتصنيفها وتمنت عايشة لو يكون هناك دورات إرشادية اجتماعية لمواجهة كل تلك الصعوبات وتفاديها إن أمكن.
وتقول عايشة «إن الحياة مليئة بالصعوبات كالظروف الاجتماعية والنفسية وغيرها فلا يجب أن نجعل الصعوبة عائقا أمامنا بل يجب أن نتخطاها للوصول إلى النجاح ومواصلة الحياة».
أم «عايشة»
لا يمكن الحديث عن عايشة من دون ذكر والدتها سبيكة راشد الغيص التي عندما تسأل عايشة عنها تجيبك بلغتها الخاصة وبإيماءات قد لا يفهمها إلا من يعيش مع عايشة غير أنها معبرة بالقدر الكافي الذي يجعلك تشعر بمدى تعلقهما ببعضهما، فعلى الرغم من أن عايشة هي الابنة الرابعة في عائلتها ولها شقيقة أصغر منها إلا أن أمها شديدة التعلق بها وربما ذلك ناتج من إيمانها بحلمها وبقدرتها على النجاح والعطاء.
والدة عايشة امرأة مكافحة بكل ما للكلمة من معنى وقد استحقت سنة 2007 جائزة الأم المثالية والتي تقيمها سنويا الجمعية الكويتية للأسرة المثالية برئاسة الشيخة فريحة الأحمد وذلك تقديرا لعطاءاتها مع أسرتها بشكل عام واحتضانها ورعايتها ودعمها لعايشة بشكل خاص.
لقد تفرغت والدة عايشة للاهتمام بابنتها منذ بلوغها عامها الرابع، وتجدر الإشارة إلى أنها حاصلة على دبلوم معلمات وعملت في مناصب تربوية قيادية عديدة قبل تفرغها للاهتمام بابنتها. ولا يقتصر الأمر على الاهتمام وحسب بل ابتكرت لها لوحة حروف استخدمتها عايشة لفترة طويلة لتعبر من خلالها عما تريد وتستخدمها كلغة تواصل مع الآخرين. وحسبما جاء في كتاب عايشة «إعاقتي سر نجاحي» أنه عندما رأى البروفيسور الذي أشرف على علاجها في إحدى الدول الأوروبية طريقة التخاطب هذه طلب منهما أن يعطي هذه الفكرة إلى مدرسة معاقين ليتعرفوا على هذه الوسيلة ما جعل عايشة أكثر فخرا بوالدتها ولوحتها وعروبتها.
تقول سبيكة الغيص انها في بادئ الأمر كانت خائفة على ابنتها مما ينتظرها إلا أنها فخورة اليوم بما حققت عايشة معتبرة أن الأخيرة هي صاحبة الفضل على نفسها في تحقيق طموحها وأحلامها.
وعن أصعب المراحل التي مرت بها والدة عايشة قالت: هي الفترة التي توفي فيها زوجها حسين علي الحشاش، فقد كان سندا قويا لهما في رحلة حياة عايشة وكان داعما كبيرا لقدراتها ومواهبها وساعدها في تخطي الكثير من الصعاب وحقق لها أهم حلم في حياتها وهو تأدية مناسك العمرة حيث حملها على كتفيه.
لقد عمل الحشاش رئيسا لقسم من أقسام المباحث الجنائية وكان رياضيا مشهورا في كرة الطائرة وعضوا في اللجنة الأولمبية التي كرمته بعد وفاته، وتقول عايشة ان وفاة والدها كانت صدمة كبيرة لها ففي عام 1996 أخذ الموت منها والدها وشعرت بأن الدنيا ستتوقف وأنها لن تستطيع الاستمرار في هذه الحياة غير أن وجود والدتها إلى جانبها مدها بالقوة والعزيمة والإصرار وتشعر اليوم هي وأخوها وأخواتها بأن والدها معهم في كل تحركاتهم وقراراتهم وذلك لأن والدتها حرصت على أن تظل المبادئ التي وضعها لأسرته هي المعمول بها وهي الحكم في اتخاذ القرارات.
«عايشة» حالة استثنائية
لعايشة قدرة على جذب الناس إليها على الرغم من عدم قدرتها على التواصل المباشر مع الناس إلا أن قدرتها على التأثير في الآخرين عالية ولا يمكن لأحد تعرف على عايشة أن ينساها أو أن يعتبرها مرت مرور الكرام في حياته فحتما هي تترك تأثيرا ما في هذا الشخص كائنا من يكن.
ولأن المجموعة الكبرى التي تعاملت مع عايشة عن قرب وباستقلالية هي مجتمعها الجامعي وخاصة دكاترتها، حيث كان لابد من التعرف على عايشة من خلالهم، فبالنسبة لأستاذة علم النفس د.فاطمة العياد تقول ان عايشة حالة استثنائية فهي تتمتع بنسبة ذكاء عالية ولديها اهتمام حقيقي بالعلم وقدرة على المناقشة والنقد متخطية بذلك عدم قدرتها على الكلام والتعبير.
وتضيف عياد أن عايشة كانت تدهشها بنسبة انتباهها، إذ غالبا ما كانت عايشة هي الشخص الأكثر انتباها لأشياء تشرحها ويغفل عنها العديد من الطلبة الموجودين في الصف، وكانت تستخدم هاتفها النقال للتواصل مع مدرسيها وللتعبير عن كل الأفكار التي قد تراودها وتناقشها بشكل واسع.
وأشادت عياد بثقة عايشة العالية بنفسها ما يجعلها قادرة على التفاعل مع كل ما يدور حولها حتى وإن كان ذلك نكات فهي صاحبة روح مرحة وخفة دم عالية، كما أنها طالبة شديدة الالتزام بحضورها لمحاضراتها دون الغياب غير المبرر، ولم تحاول استغلال مرضها على الإطلاق للحصول على معاملة خاصة من قبل أساتذتها أو أصدقائها فقد كانت شخصية مستقلة وواثقة بنفسها إلى درجة عالية.
وتوجهت عياد إلى كل المدرسين وخاصة في الجامعات إلى إيلاء الاهتمام اللازم بذوي الاحتياجات الخاصة والتعامل معهم على أساس قدراتهم الذهنية، فمجرد اجتيازهم المرحلة التعليمية ووصولهم إلى الجامعة دليل واضح على قدرتهم على اكتساب المعرفة وعلى قدرتهم العالية وتصميمهم على العطاء وحب الحياة.
وتابعت عياد أن النجاح لا يقتصر على عضو هيئة التدريس وحده، بل هو مسؤولية الطالب أيضا، فكلما كان صاحب إرادة كانت فرص نجاحه أكبر وأقوى، هذا إلى جانب دور الأهل، وهنا تشير عياد إلى أن عايشة تحظى بأم «رائعة» تستحق كل التقدير لما زرعته في ابنتها من أمل وإيمان.
بدورها أشادت أستاذة اللغة الإنجليزية في كلية العلوم في جامعة الكويت د.بثينة العثمان باهتمام أهل عايشة بها وخاصة والدتها ما جعل من عايشة تظهر قدراتها العقلية، ولكن للأسف تقول العثمان ان الوسائل التكنولوجية الخاصة بحالة عايشة غير متوافرة، إذ كانت تشارك في الصف عبر الـ «sms» وعلى الرغم من ذلك كانت دائما أولى المشاركين وذلك لأنها واثقة بنفسها وبقدراتها، وتابعت العثمان أن الدليل على ثقة عايشة العالية بنفسها جعلها تقرر مع صديقاتها عام 2009 أن تكون هي موضوع بحثهن السنوي.
وعن تجربة التدريس مع عايشة قالت العثمان ان وجود عايشة في الصف كان مفاجأة ولكنها إيجابية وذلك لأن هذه التجربة تعود بالفائدة على كل الأطراف المعنية بها وليس فقط على الطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة فحسب.
كذلك الأمر بالنسبة لأستاذة علم النفس في جامعة الكويت د.ناديا الحمدان التي وصفت تجربة تدريس عايشة بالسهلة والمفيدة، وذلك لأن عايشة من الطلبة الذين يحبون التواصل والعطاء ولن تشكل لها إعاقتها مشكلة في طريقة التواصل، وذلك لأنها كانت تبتكر وسائلها وتستخدمها لإيصال فكرتها.
وقالت الحمدان ان عايشة معاقة جسديا إلا أنها سليمة ذهنيا وفكريا، لا بل تقدم الفائدة لمن حولها، هي حالة جادة في تحقيق أحلامها وطموحاتها وهذا ما تدل عليها نتائج امتحاناتها. وأكدت أن حالة عايشة حظيت بإعجاب من حولها مؤكدة أنها لم تحظ بالمراعاة إلا في الأطر المحدودة وليس في فكرة الامتحان ككل.
ومن الدكاترة الذين أخذت لديهم عايشة مواد في الجامعة، د.إيناس سالمين دكتورة في قسم الإعلام في جامعة الكويت والتي قالت ان المعادلة هنا معكوسة، فالدكاترة يتعلمون من عايشة، فهي مثال للصبر والإصرار والعزيمة، فهي لم تكن تتأخر في تسليم واجباتها ولم تحتج عايشة إلى أي نوع من المساعدة في علاماتها فهي كانت دائمة متفوقة وعلاماتها عالية وتنتظم في الحضور إلى الصف مع الحرص على أن يكون ذلك مبكرا كي لا تزعج الآخرين بدخولها وخروجها، وتقول سالمين «إن عايشة من أفضل الحالات التي درستها».
هيلين كيلير الكويت
يعتبر رئيس نادي الحوار للتدريب في مجال التنمية البشرية د.أيوب الأيوب أن عايشة الحشاش ستكون «هيلين كيلير الكويت» فهي تسير على خطاها في الريادة، وحتما ستكون قدوة للآخرين متوقعا لها الوصول إلى العالمية لما تتمتع به من طموح وذكاء وجداني وقدرة عالية على إيجاد الحوافز.
ويصف الأيوب عايشة بالمتألقة دائما ولديها نسبة عالية من التفاؤل والإيجابية وهذه العناصر كلها قلما تجتمع في شخص واحد وهذا ما يدل على رغبة عايشة العالية في الحياة والعطاء ما يجعلها شخصية تستحق أن تكون مثالا يحتذى به. وعليه يقول الأيوب انه في أغلب محاضراته تكون عايشة هي المثال الذي يدرس من خلاله كيفية تدريب الذات على حب الحياة وتخطي الصعاب.
وقال الأيوب ان عايشة تتمتع بما يسمى بمشتت الصواعق الذاتي ما يجعلها تتصدى للسلبيات التي تتعرض لها وتعرف كيف تتعامل مع الإحباطات وهذا المشتت يقول الأيوب يعطيها القدرة على الإصرار على الحياة. كما أنها مبتسمة دائما وتتذوق خفة الدم إلى جانب تمتعها بخفة الدم في نفس الوقت وهذا قلما يجتمع في شخص واحد في نفس الوقت.
الخرافي: ضرورة إنشاء مدرسة لذوي الشلل الدماغي وأن تكون باسم «عايشة الحشاش»
|
د.نجمة الخرافي |
تبدي أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د.نجمة الخرافي إعجابا شديدا بما آلت إليه حالة عايشة الحشاش، معتبرة أنها صاحبة إرادة يضرب بها المثل، وفي كتابها «سيكولوجية ذوي الاحتياجات الخاصة» عرضت الخرافي قصة كفاح عايشة في طريق النجاح لتصل إلى ما هي عليه اليوم.
وأشارت الخرافي في كتابها إلى دور والدة عايشة في دعمها ومساعدتها على المثابرة وتعزيز ثقتها بنفسها وهذا ما لا نجده بكثرة لدى أولياء أمور المعاقين والذين قد يستسلمون لدى حالة أبنائهم.
وعليه رفعت الخرافي عام 2010 كتابا إلى نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية ووزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية حينها طالبت فيه إنشاء مدرسة لمن يعانون من الشلل الدماغي أسوة بما هو معمول به في الكويت المتقدمة باسم «عايشة الحشاش» التي على الرغم من إصابتها بالشلل الدماغي منذ ولادتها استطاعت أن تتعلم وتنجح بل أن تتفوق في مجالها. وترى الخرافي أنه من الضروري إنشاء مدرسة للمصابين بالشلل الدماغي خاصة بعد تجربة عايشة الناجحة في التعلم، مشيرة إلى أن الكويت من الدول المتقدمة في مجال دعم ذوي الاحتياجات الخاصة بجميع أنواعه، لذا لا ينبغي إهمال هذه الفئة التي تستطيع العطاء، ولكن كل ما تحتاجه هو الاهتمام وتأمين سبل التعلم لها. مرفق نموذج الكتاب الذي رفع لمجلس الوزراء.
عايشة.. قاهرة المستحيل
بقلم: يوسف عبدالرحمن
ان كان هناك أب محب لابنته يفرح لفرحها ويزعل لزعلها فأرجو صادقا أن أكون هذا الأب بعد الانجاز الذي حققته لي ابنتي «عايشة حسين الحشاش»، هذه البنت الكويتية الرائعة التي قالت «لا» للمستحيل وقهرته وحققت انسانيتها في أجمل معانيها، وذلك بالتخرج في الجامعة لتحصل على الشهادة الجامعية رغم أعاصير الزمن والمعوقات لتحمل رسالة الى كل عاجز في هذا العالم بأن العجز الحقيقي في العقل لا البدن بعد أن أبحرت منذ طفولتها من الاعاقة الى حمل الشهادة.
عايشة شهادتي فيها مجروحة فهي في نظري أجمل انجاز كويتي يفخر به الأسوياء قبل المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة لأن «عواشه» حصاد سنين يكتب بماء الذهب أقدمه للشعب الكويتي وأمتي انموذجا ينير دروب من يريدون ان يسلكوا طريق التحدي في هذا العصر العصيب الذي تردت فيه القيم والأخلاق، فما أحوجنا ان نتوقف طويلا أمام انجاز عايشة حسين الحشاش.
ان عايشة أشبهها بحروف اللغة العربية فهي في الألف: إباء وابتسام واحتمال وإرادة وإقدام وألم.
وفي الباء: بداية وبطولة وبقاء وبيان.
وفي التاء: تحية وتربية وتسامح وتسليم وتضحية وتطور وتفاؤل وتواضع وتوكل على الله.
وفي الثاء: ثروة وثقافة وثناء وثواب.
وفي الجيم: جد وجمال وجهاد.
وفي الحاء: حب وحرية وحظ وحقيقة وحلم وحياء وحياة.
وفي الخاء: خلود وخشوع وخوف وخير.
وفي الدال: دعاء ودموع ودنيا وديموقراطية.
وفي الذال: ذاكرة وذوق وذكرى.
وفي الراء: رأي ورجاء ورحمة ورضا.
وفي الزاي: زهد وزمان وزواج وزوجة.
وفي السين: سر وسعادة وسفر وسكوت وسلام وسلطة وسمعة وسياسة.
وفي الشين: شباب وشجاعة وشرف وشفاعة وشكر وشهادة وشوق.
وفي الصاد: صبر وصداقة وصلح وصمت وصوت.
وفي الضاد: ضحك وضمير وضيافة.
وفي الطاء: طاعة وطفولة وطمأنينة وطموح.
وفي الظاء: ظن وظلم.
وفي العين: عبرة وعتاب وعدالة وعذر وعزم وعشق وعطاء وعطر وعفاف وعيد وعيون.
وفي الغين: غربة وغرور وغزل وغضب وغنى وغيرة.
وفي الفاء: فخر وفداء وفضيلة وفكر وفن وفلسفة.
وفي القاف: قانون وقضاء وقلم وقناعة وقوة وقيم.
وفي الكاف: كتابة وكبرياء وكرامة وكون.
وفي اللام: لسان ولغة ولين.
وفي الميم: مال ومبدأ ومجالدة ومجد ومحبة ومدح ومزاح ومسايرة ومطالعة ومعاملة ومعلم ومهنة ومواهب ومودة وموسيقى.
وفي النون: ناس ونبوغ ونجاح ونعم ونفس ونية.
وفي الهاء: هجاء وهدية وهمة.
وفي الواو: والدان، وحدة، وصايا، وعد، وعي، وفاء ووقت.
وفي الياء: يتم ويسر ويقين.
كل هذه المفردات الجميلة هي عايشة حسين الحشاش التي أخذت من والدها حسين الحشاش «رحمه الله» همة وارادة الرياضي، ومن والدتها المربية الفاضلة الأستاذة سبيجة راشد الغيص التربية الحقة والتعامل الاجتماعي والنفسي والتوازن فكانت هذه الجميلة التي نفخر بها جميعا.. حيوا معي عايشة ابنة الديرة.
[email protected]