ليلى الشافعي
يقول العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي: مازال فيروس كورونا يفرض نفسه على جهات رسمية وجهات شعبية محلية وخارجية، ومازال هو حديث الفضائيات وحديث المجامع والصحافة ووسائل الاتصال المتنوعة، يكاد يكون أربك اقتصاد العالم كله.
وانطلاقا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، والمرأة راعية متكفلة ومسؤولة عما تحت يديها اي ستحاسب على هذه المسؤولية فهي مسؤولية شرعية وإلزامية، فالأب ليس أقل مسؤولية عن الأم، فكلاهما شريك في إدارة الأسرة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يحمل المسؤولية الشرعية على الأب «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول»، وحديث آخر «وحتى يسأل الرجل عن أهل بيته»، وواجب الأب ايضا واجب تربوي بأن يوجه أسرته وأبناءه ليكونوا أبناء صالحين وذرية طيبة، كما قال زكريا عليه السلام: (ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء)، ومسؤولية الأب وواجبه ان يسعى الى تحقيق هذه الغاية الكبيرة.
الحجر الصحي
وأضاف د.النشمي: الآن ونحن في الحجر الصحي وكما نادت منظمة الصحة العالمية ورفعت شعار «الزموا بيوتكم نحاصر بكورونا»، «اذا أردتم أن تحاصروا هذا الوباء فالزموا بيوتكم لكي نحاصر كورونا.
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم والوقائع تشير الى مسألة الحجر، وأهميته وأن محاصرة الوباء تكون في العزلة.
وهذه العزلة أورثت مسؤولية كبيرة على الأب والأم بالدرجة الأولى داخل البيت، الأب لم يعتد الجلوس طوال اليوم في المنزل وإن كانت الأم اعتادت ان تقضي وقتا طويلا داخل البيت أطول من وقت الزوج وكانا معتادين على الحياة العادية ان تخرج للوظائف صباحا سواء وظائف حكومية او خاصة او غيرها، ونقضي الجزء الأول من النهار في الأعمال التي اعتاد الناس ان يقوموا بها، وفي المساء زيارات وصلة أرحام وذهاب الى المطاعم والكافيهات والدواوين والحياة العادية التي كنا نمارسها.
فجأة تغير البرنامج الصباحي والبرنامج المسائي، وأصبح محصورا في هذه الأسرة وهناك حبس إجباري في المكان الذي نعيش فيه سواء كان بيتا او شقة، وقد يكون الجلوس الاختياري أخف من الجلوس الإلزامي مدة طويلة، فأصبح الحجر المنزلي فرصة جيدة ونادرة خاصة للأب بان يجلس بين أبنائه ويغطي الجانب العاطفي والجانب التربوي ويقترب من أبنائه بشكل كبير، يقول رجل في الحجر تفرست في وجوه أبنائي، أدقق في وجوههم وأجلس معهم عن قرب، فالحجر يعتبر فرصة استثنائية، مع ان واجب الأب الطبيعي الذي يمكن ان يقوم به ان يقترب من أبنائه ينظر في مشاكلهم ويعمل على حلها.
ازدياد العصبية
ولفت د.النشمي الى ان جلوس الأطفال والشباب خاصة في البيت يورث شيئا من التوتر والعصبية وقد تظهر بعد ذلك الأعراض المرضية من كثرة الجلوس في البيت فيجب على الأب ان يتسامى على مشاعر أبنائه وعليه ان يتأقلم كناحية شرعية وكناحية اجتماعية وأسرية، مطلوب منه ان يراقب سلوك الأبناء داخل الأسرة حيث أصبحوا أكثر توترا لأنهم اعتادوا على الانطلاق والذهاب الى المدارس والجامعات وكل مراحل التعليم وأن يجلسوا في الصفوف وفقدانهم علاقتهم الاجتماعية مع الأساتذة والزملاء في الجو الذي كانوا يعيشونه وانقطع وتحول حبسهم في البيت وهذا يورث شيئا من التوتر والعصبية، ولذلك كثير من المختصين في علم النفس يقولون ستظهر مشاكل كثيرة عند الكثير من الناس وسيصابون بالآثار النفسية والعصبية في الشعور ويحتاج الى وقت وعلاج نتيجة للأزمة.
وقت الفراغ
ثم انطلق د.النشمي الى قضية مهمة ألا وهي شغل وقت الفراغ، وقال: لا بد ان يساهم الأب في شغل الفراغ مع الأم عن طريق وضع برنامج متنوع ويصبح التواصل بين الأم والأب حول تجاربهما بمشاركة الأبناء والبنات، وتقديم البرامج التي تشغلهم سواء ترفيهية أو ألعاب او غيرها مما يشغل الوقت وهذا يحتاج من الأب الى ان يطوع نفسه على هذه الأمور، وحتى في وقت الدراسة تجلس الأم معهم وربما مساهمة الأب أقل بكثير، فالأب الآن يختبر بهذا الشأن ليقوم بدوره وهذا دور تربوي يحتاج لمشاركة الأب مع الأم فيه.
التعليم عن بُعد
وبين ان التعليم داخل الأسرة انتقل من التعليم في الصف ومجالسة الأقران والنشاط المدرسي وغيره، وتحول الآن الى التعليم عن بعد عن طريق الكمبيوتر ووسائل الاتصال والنت وهذا بتوجيه حتى من المنظمات العالمية التربوية الثقافية، فلا بد ان تدخل الأسرة هذا الميدان لتعويض الأبناء عما فاتهم من التواصل المدرسي والصفي، خاصة ان التواصل المدرسي ضروري جدا لأنه يعطي الطالب تفاعلا مهما بين الطلبة والأستاذ فالنشاط الموجود في المدرسة شيء مهم، ولكن هذا لايترك كله لأن التعويض التعليمي من الممكن ان يكون عن بعد، وهذا يحتاج الى ميزانية وقدرة شرائية للأجهزة المعنية من الكمبيوتر والآيباد، ونحن في الكويت، ولله الحمد، حبانا الله بالقدرة على تغطية هذه الأمور، فيجب على الأب ان يتعلم لكي يشرف ويوجه أبناءه وبناته، وكذلك الأم ضروري ان تتعلم هذه التقنيات الحديثة مع الأبناء لأن فاقد الشيء لا يعطيه لكي يستطيعوا أن يواكبوا أبناءهم وينموا قدراتهم في مواصلة التعليم عن بعد.
وكثير من الدول محرومة من هذه التقنية لغلائها وعدم تيسر وجودها في بلادهم.
ومازال في بعض الدول التلفزيون وسيلة تعليمية لكثير من البرامج التي تعرض فيه ويختار لها أكفاء من المدرسين والمدرسات سواء في المواد العلمية او المواد النظرية، وتدرس عن طريق التلفزيون وهذه الوسيلة تكون عندنا هنا وفي الدول الأخرى فربما تطول مدة الحظر فإذا طالت المدة بالنسبة للتعليم فهذا أمر خطر سوف ينقطع الأبناء عن التعليم سواء عن قرب او عن بعد، ولا ندري هل هذه المدة تطول ام تقصر، ولعلها تقصر، وهناك تفاوت في المدة بين الدول وهذا خاضع لسير العلاج لهذا الوباء من دولة الى اخرى.
وزاد: فالشاهد هنا اننا نريد ان نوجه نظر الأب الى ان يقوم بدوره الى جانب الأم، فالأم تقوم بدور كبير جدا في هذه الأزمة، وينبغي ألا تنفرد الأم بهذا الدور لأن فيه ضغوطا نفسية عليها، وأيضا الأب عليه ضغوط ولكن التعاون بين الطرفين سيخفف من هذه الظروف، ونستطيع ان نجتاز هذه المرحلة دون ان يتأثر الجانب التربوي والتعليمي بالنسبة لأبنائنا.
اقرا ايضا