تابعت ما تناقلته الصحف عن مقابلة صاحب السمو الامير مع احدى الصحف الالمانية اثناء زيارة سموه لالمانيا، ومن المقتطفات التي وصلتنا واطلعنا عليها يتضح ان صاحب السمو الامير قد ضاقت به ممارسات اعضاء مجلس الامة وما يسببونه من ايذاء للكويت، وصراعهم الدائم المستمر والشخصاني مع اعضاء السلطة التنفيذية، والوزراء بطبيعة الحال لا حول لهم ولا قوة الا بأن يحافظوا على العلاقة والألفة والتهدئة المستمرة رغم تعسف وجبروت بعض اعضاء مجلس الامة الذين يبدو وكأنهم دخلوا المجلس لكي يحولوه الى ساحة معركة مع السلطة التنفيذية والتعدي المستمر على اختصاصات السلطة التنفيذية رغم تأكيد الدستور على مبدأ فصل السلطات دون استثناء ومخالفة الدستور في كثير من تصرفاتهم.
ويتفق اهل الكويت مع صاحب السمو الامير على جميع ما اورده، وهو تشخيص مؤلم وحساس وحرج، فالصدام بين مجلس الامة ومجلس الوزراء معركة يدخل سمو الامير دائما لفك الاشتباك فيها، وهذا الامر يسبب احراجا كبيرا لسموه خاصة اذا تكررت الضرورة لتدخله في فك الاشتباك، وانا اعتقد أنه قد ضاق به الامر وطفح الكيل وصرح بما في قلبه من ألم وحسرة، وذلك لأن سموه يتولى سلطاته التنفيذية من خلال وزرائه، فكل هجوم او تسلط على اي فرد من افراد السلطة التنفيذية يمس بشكل أو بآخر الذات الاميرية، بالاضافة الى كونه اعتداء على حق دستوري لصاحب السمو الامير وعلى القواعد التي تنظم علاقة السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية الواردة نصا وصراحة في الدستور.
وآخر ما اثاره صاحب السمو الامير هو تركيبة الدستور الكويتي فهو جامع بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي، وهذه التركيبة مقصودة من قبل المشرع وتهدف الى بقاء الحكم في اسرة آل الصباح الذي خصهم بقانون توارث الامارة في ذرية مبارك الصباح، وأي تعديل عليه يتطلب نفس خطوات تعديل الدستور. وخاصة ان اتفاق اهل الكويت في البداية على تولي اسرة آل الصباح الحكم والنظام الرئاسي في الدستور اكد على بقاء اسرة آل الصباح في رأس الحكم بصورة دائمة دون السماح بالتعدي عليها من قبل اي سلطة من السلطات.
وانا لا اعتقد أن هذه التركيبة هي سبب الصراع او الازمات المستمرة انما السبب الاساسي ان نوايا بعض اعضاء مجلس الامة غير سليمة، ويقصدون كسب المكاسب الشخصية معنوية كانت ام مادية بغض النظر عمن يقع عليه الضرر بسبب هذه التصرفات من ازمات تشغل بال كل فرد في الكويت.
وتبدو الكويت من الخارج وبسبب هذه التصرفات من قبل بعض اعضاء مجلس الامة وكأنها على شفا حفرة من حرب اهلية، ويزيدها بلبلة تصرف بعض الصحافيين والمحطات الفضائية، وكأن خلق الازمات بالنسبة لهم هام لان هدفهم الاساسي من الاعلام بغض النظر عن الاساءة التي تقع على الغير هو الاثارة وليتهم يعلمون ان الاثارة تعني في هذه الحالة الاساءة وايذاء الكويت.
الامر اذن يا صاحب السمو اننا في حاجة الى تغيير دستوري هام وذلك بتشكيل مجلس اعيان من الحكماء الذين لا تقل اعمارهم عن الخمسين سنة ومن اصحاب الخبرة والمعرفة، وينتخب نصفهم ويعين نصفهم الآخر لكبح جماح مجلس الامة وسطوته، ويجب الا يوافق على اي قانون لمجلس الامة الا بعد موافقة مجلس الاعيان او الشورى وحضرة صاحب السمو الامير.
نعم آن الأوان ان نغير بعض مواد دستورنا الذي بنظري يصلح لكل زمان ومكان، وذلك بإجراء بعض التعديلات على مواده حتى تتماشى مع اوضاع البلد والمنطقة والعالم، على ان تستمر التركيبة الحالية للدستور دون المساس بها حتى تستقر الامور لتسير الكويت في معية اسرة آل الصباح الكريمة، وبنموذج دستوري متميز يجعل من الكويت منبرا للحرية والثقافة والسلام. وحفظ الله سموكم، وألبسكم ثياب الصحة والعافية.