عبدالرحمن العوضي
في الشهرين الأخيرين كانت الكويت تعيش في حيرة وفي نقاش حاد حول من سيختارون للمجلس بعد الحل الدستوري الأخير، وأهل الكويت قاطبة وصل بهم اليأس من مجلس الأمة الأخير خاصة ممارسات بعض أعضاء المجلس المنحل، الأمر الذي أدى إلى عدم الحماس للمشاركة الانتخابية أسوة بالانتخابات الماضية. على كل لقد تم الانتخاب، وتم اختياركم من جديد لتلبية نداء صاحب السمو الأمير، الذي كان حريصا على ان يأتي أعضاء جدد لمجلس الأمة بأفكار جديدة وأسلوب تعاون جديد، وروح جديدة للتعاون بين بعضهم البعض ومع أعضاء الحكومة لأن الهدف الأساسي من وجود البرلمان هو ان يتم الاتفاق بين الحكومة وأعضاء المجلس على إدارة شؤون البلاد بصورة عامة خاصة في مجال التنمية الذي هو أساس وجود الدولة.
مسؤوليتكم كبيرة وأنتم الآن تحت المجهر ورغم عودة عدد ممن يسمون بأعضاء التأزيم، أرجو ان يتمكن الأعضاء الجدد وخاصة العضوات اللواتي يدخلن المجلس لأول مرة من تغيير اسلوب النقاش ورفع مستواه وتجنب التصادم مع الحكومة، فأي تصادم معناه خيبة أمل وفشل، والتصادم مع الحكومة يؤدي إلى أزمات ونحن في غنى عنها، ويكفي ما عشناه من أزمات أدت إلى حل المجلس السابق.
أناشد الحكماء والحكيمات من أعضاء مجلس الأمة ان يضعوا خطة عمل لاحتواء الأزمات وعدم السماح بوقوعها والوقوف بكل شدة أمام كل من يريد ان يحقق البطولات من إثارته للأزمات، وهذا الأمر في نظري ممكن، وكنا في السابق نتفاهم في المجلس ونحتوي الكثير من المشاكل لأن روح التعاون والتفاهم كانت هي السائدة، وكل خلافات الحكومة مع المجلس في السابق كانت تسير بهدوء حتى استطعنا ان نعتمد الخطة الخمسية 1986 ـ 1990 بقانون، وكانت هذه أول مبادرة على هذا المستوى التزام الحكومة والمجلس على العمل وفق الخطة الخمسية، كما قدمنا في ذلك الوقت الرؤية المستقبلية حتى عام 2010، وهذا يعني انه بالإمكان لو صدقنا الوعد وتعاوننا والتزمنا حكومة ومجلسا تقديم خطة وفق رؤى لمدة عشرين سنة وخطط خمسية لتنفيذها.
فرجائي ان يصر المجلس على وضع الخطة وان يتفرغ الأشهر الستة الأولى لإعدادها ولاعتمادها بقانون والعمل بموجبها ابتداء من الشهر الأول لعام 2010.
اما عضوات المجلس فإنني احذرهن من ان يقعن في شراك المؤزمين الذين لا هم لهم إلا التهويل والمبالغة والاتهام دون دليل، أرجو ان يحرصن على فصل المسؤوليات، فكل سلطة لها مسؤوليتها، ولا يجوز ان تتعدى سلطة على أخرى. وقد تكون البداية في منع الواسطة بين المواطن وأعضاء الحكومة وضرورة وجود مكتب متابعة شكاوى الناس بين مجلس الأمة والحكومة، ولا يكون الناخب أسيرا للنائب وكأنه فقد التصرف، ويجب ان نعلم ان الديموقراطية تعني ان لكل فرد حقا يجب ان يحصل عليه من دون اعتبار للواسطة.
فهل يا ترى تستطيع العضوات إدخال تغيير نوعي في أسلوب عمل المجلس والكف عن الأسلوب القديم الذي كان يحول الناخب الكويتي إلى إنسان طفيلي على النائب.
كما أتمنى ان تغير الحكومة أيضا من نهجها وتعاملها مع النواب، وان يكون حل قضايا الشعب الكويتي وبأسلوب عادل هو ديدنها، وان تتعاون مع أعضاء مجلس الأمة على ان يأخذ كل ذي حق حقه دون أي وساطة أو منة.
الوضع السائد الذي تعودنا عليه باعتبار حاجة الفرد مذلة للمسؤول أو النائب البسيط، الكل يحاول استغلال هذه الحاجة، وعليه يجب ان يتغير هذا النهج ويحصل كل صاحب حق على حقه دون تعسف أو تحيز لأن الجميع متساوون، والفرق بينهم هو مقدار حق كل واحد منهم دون أي تمييز أو استثناء.
فهل يحق لي ان احلم بمثل هذا التعاون في المجلس الجديد الذي تشارك فيه اخواتنا الفاضلات لأول مرة. ودعائي للجميع بالتوفيق.