لقد حضرت الجلسة التي تم فيها انتخابك، ورأيت الجو المشحون الذي يعيشه الجميع في المجلس ذلك اليوم.
وكنت ألاحظ الخلافات الشديدة من نبرات صوت الشباب الذي كنت اسمعه من بعض الأشخاص.
وكنت متعجبا وكأنهم على أبواب معركة دموية يحاولون أن يجهزوا لها بأسلوب الهجوم الذي لا يمكن للإنسان أن يعرف نتائجه إلا بعد انتهاء المعركة ومعرفة ضحاياها والتحسر على الخيانات الأخيرة التي وقعت للنائب بسبب خداعه ممن وعدوه بالصوت الانتخابي، والذي كان ذلك واضحا جليا في انتخاب بعض أعضاء اللجان.
فعلا لم أكن أرى أي ضرورة لمثل هذا الجو الملبد بالغيوم العاصفة، ولم يكن البعض يفكر بالنتائج في مثل هذه الأجواء التي سادت بين أعضاء مجلس الأمة، فكل ما يكسبه النائب المخلص بعد نجاحه بعضوية هيئة اللجنة كان يزيده هما لأن المسؤولية ستزداد وقد لا يكون بمستوى تلك النتيجة.
ان التصويت في عضوية مجلس الأمة أو الحصول على الرئاسة أو النجاح في أحد لجان المجلس معناه أن صاحبه سيكون معرضا لمزيد من الإجهاد بسبب أطماع الناس الناخبين من الناجح.
فعزائي لكل من تصدر وفاز في الحصول على منصب، لأن تكلفة المنصب عليه ستكون غالية جدا، إذا كان من المخلصين للمنصب الذي ينشده.
وهذا مع الأسف الشديد قيمة تلك المنفعة التي كان سيقدمها النائب الناجح لوعوده أثناء الانتخابات.
لقد لاحظت من خلال التجارب الطويلة في الحياة أن الوعود الكثيرة التي يعطيها عضو مجلس الأمة تكون مكلفة جدا عند سداد فاتورة تلك الوعود، ورغم كل ما يبذله النائب من جهد لمصلحة ناخبيه فأغلبهم سينكرون ذلك عند موعد الانتخابات التي تلي انتخابه.
ولا تفكر بأن النجاح لا قيمة له، ولكن دائما سيكون على حسابك بعد النجاح وعادة سيكون أكبر من النجاح الذي حققه النائب.
فلا تفرحوا كثيرا قبل كل شيء، بل عليكم أن تفكروا في عبء هذه المسؤولية إذا كنتم ستخلصون في أداء مهامكم تجاه الوطن الذي وفره لكم، ولكنه يتوقع منكم الكثير.
سعدت أولا بنجاحك وأنت تستحقه، وكبرت عندي كثيرا عندما لم ترد على المعترضين ممن نافسوك على المنصب، وهؤلاء الأشخاص سينساهم التاريخ وستبقى أنت صاحب الحكمة والأخلاق وسيذكرك التاريخ دائما.
فهنيئا لك يا ابوعلي، وهنيئا لك لأسلوبك المميز وشكرك لكل من انتخبوك، وهنيئا لك أيضا لأنك أصبحت في الكويت رمزا للتوفيق والعمل الناجح وليس هدفك أن تنجح لتناطح الحكومة من أجل مصالحك فقط ولكن مصلحة الوطن يجب أن تكون دائما نصب عينيك ولا تهتم أبدا لكل ما يقال عنك ما دمت مقتنعا بأنك أديت واجبك على أكمل وجه.
وسوف يخطئ من يعتقد أن النيابة هي لتحقيق مصالح بعض الناس على حساب مصلحة الامة أو الوطن، أو أن النيابة هي وجاهة وبعض الامتيازات التي تمنحك عضويتها.
فأنت ستكون تحت المجهر دائما، وتأكد بأن كل صاحب مصلحة سينظر إليك لتحقيق مصالحه بل سيظل هما لك لأنك قصرت في خدمة الوطن بدلا من خدمته الشخصية.
فالكويت بحاجة إلى رجال ونساء مخلصين لها، والمستقبل يعتمد على ما تزرعونه، ولن يكون ذلك إلا بالتعاون مع الحكومة ما دامت تقوم بأعمالها وخدماتها للوطن بأداء مخلص ورغبة في نهضته وبنائه.
ستكون الامور والأحوال القادمة متشابكة تلعب فيها مصالح كثيرة داخلية وخارجية ولكن البقاء سيكون للمخلصين لأبنائها وخدمة وطنهم وليس الجلوس على الكراسي واستعمال وسائل الاتصال الحديثة لهدم ذمم الرجال والتشهير بهم والتغاضي عن الصغائر ما دمنا سنحقق الامور الكبيرة والمهمة لهذا البلد.
إنكم بالفعل حراس هذا الوطن، واذكروا أيضا أن أفراد الحكومة سيكونون على نفس النهج فتعاونوا معهم ولا تخاصموا.
وقد وجدنا طوال هذه السنين أن من بقي في ضمير الأمة هم من بنوا هذه الأمة وليس من دأبوا على هدم كل جميل وكل من يحترم هذه الأمة.
فإلى الأمام، والله يوفقكم بإذن الله ما دمتم تخشونه في أعمالكم.