تعيش اللغة العربية هذه الأيام أسوأ فتراتها، وكأنها وصلت لمرحلة متقدمة من الشيخوخة التي لا يجدي معها أي علاج أحيانا. وصارت لغتنا الجميلة مهددة بالخطر والانقراض، إن لم يلتفت المعنيون إلى ما يدور بين الأوساط الشبابية من استخدامات ستؤدي إلى عمل «ديليت» لمفردات اللغة العربية الجميلة. فلغة القرآن الكريم، التي تزخر بمفردات ومترادفات فريدة، أصبحت تمر بمرحلة تغريب غير مسبوقة.
تلك اللغة التي أبدع فيها آلاف الشعراء في توظيف الصور والمعاني الرائعة لكي يتغنوا في وصف أو شرح معاناة أو عند تجسيد حالة ما يمر بها الإنسان، تلك اللغة التي استطاع أسلافنا أن يقوموا بترجمة آلاف الكتب والمراجع من الحضارات القديمة من أجل أن يعيش العرب والمسلمون فترات ازدهار علمي، صرنا نتحسر عليها هذه الأيام ونبكي على أطلالها. هذه اللغة أصبحت الآن حائرة، بسبب عدم مقدرتها على جذب شباب «الانترنت» إلى مفرداتها، فقد عجز الشباب العربي عن أن يجدوا في الأحرف العربية حيزا للتواصل عبر «الشات»، وصارت الأنامل تلعب على «الكيبورد» لكي ترسم حوارا عربيا ولكن بالأحرف اللاتينية. فقد اخترع الشباب العربي لغة عربية جديدة هجينة بين الأحرف اللاتينية والأرقام لكي يتواصلوا فيما بينهم عبر شبكة المعلومات أو عبر الرسائل النصية على الهاتف المحمول.
فصار الحوار يكتب «7war» وصارت عين الإنسان «3ain»، وعند قيام أحدهم بالسلام فهو يكتب «salaam» أو يستطيع الترحيب بصديقه عبر كتابة «mar7ba»، كما لا ننسى مفردات «تشاو» و«لول» و«تيت» التي أصبحت من أهم المفردات التي يستخدمها شبابنا اليوم.
إن هذه اللغة الهجينة أو لغة العرب «إيزي» كما صار يطلق عليها، تعتبر مؤشرا خطيرا على وضع مأساوي يعيشه الشباب العربي. فهم قاموا بدون أن يشعروا بتأسيس لغة جديدة ستؤدي إلى قلب موازين التخاطب اليومي، وستؤثر حتى على العلاقة بين الثقافات واللغات العربية والأجنبية. وإن لم تقم المؤسسات العربية المعنية والمجامع اللغوية العربية بمسؤولياتها، وإن لم يتدارك وزراء التعليم في البلدان العربية الأمر، سنجد أنفسنا على قارعة طريق الأتراك الذين استبدلوا أحرف لغتهم إلى أحرف لاتينية.
فلابد من تضافر الجهود ودراسة الأمر بشكل علمي مدروس، ولابد من تأسيس خطة طوارئ تكون خارطة طريق لعودة هيبة لغتنا العربية.
فالكل مسؤول والكل تقع على عاتقه مسؤولية صيانة اللغة العربية من الانقراض أو الاندثار، والمسؤولية تبدأ من الأسرة والمدرسة وتنتهي إلى مجامع اللغة وعلماء اللغة، وحتى الشباب العربي نفسه والذي يحتاج إلى جهد كبير من أجل إعادة زرع الثقة بنفسه وبلغته العربية.
رحم الله «sebawih» و«khalil bin a7med»، ليتهم عادوا لنا من جديد لكي يخترعوا لنا مفردات جديدة «للانترنت» و«الشات» والـ «تيت» والـ «لووول».
[email protected]