ماذا تعني كلمة (دولة) وما هي دلالاتها؟ إن كل من يفهم في القانون والسياسة يعلم أن الدولة كيان مادي ومعنوي في آن واحد ينظم حياة كل الناس الذين يتكون منهم المجتمع ويعيشون على أرض واحدة تحمي الدولة أمنها وسلامتها وتوفر الدولة القوة القادرة على دعم استمرار بقاء المجتمع وذلك كله ابتغاء رعاية مصالح المواطن ودفع الأضرار عنه وتوفير وسائل العيش الكريم له حيث إن الشعب هو الذي يملك بشكل حقيقي كل الموارد المادية بأنواعها، لذلك فإن الدولة يجب أن تكون قانونية بمعنى أنها يجب أن تؤطر نفسها ضمن مرجعية قانونية وأخلاقية تبنى على مبادئ العدالة واحترام حقوق الإنسان والحرية والعدل.
إن الدولة التي ذكرناها لا يمكن إلا أن تكون قد تأسست بشكل طبيعي، ونبتت على أرض خاصة بشعب لم يسرقها من غيره بالعنف، مع وجود حياة يومية حقيقية لشعب مترابط متضامن يعيش في احترام متبادل وتوافق طبيعي وميثاق أخلاقي قائم على ثقافة متناغمة وإن تعددت جذورها، لذلك فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصنع البلطجة السياسية والقوى الأجنبية والعصابات المسلحة دولة ذات وجود إنساني حقيقي، لذلك فإنه من المستحيل أن يصدق أي إنسان يحترم إنسانيته وعقله أن هناك دولة حقيقية اسمها إسرائيل.
قد يقول قائل إن هذا الكلام ما هو إلا خيال في خيال وإسرائيل دولة قائمة شئنا أم أبينا ولابد أن نتعامل مع الواقع، غير ان هذا الكلام غير صحيح جملة و تفصيلا لأن الدولة تنشأ بموجب عقد اجتماعي لمجتمع قائم وشعب متضامن والدولة تتأسس لخدمة الشعوب، أما إسرائيل فإنها كيان تأسس على الإبادة والاستبداد بناء على فكرة دينية متطرفة ودعاية عنصرية إقصائية، لذلك فإن الإنسان فيها لا ولن يعيش حراً ولا متساوياً مع غيره بل هناك تمييز فئوي وعنصري بغيض للغاية، أما هذه المحاولات التي نشهدها بين الحين والآخر لمد جسور علاقات مع الكيان الغاصب فإنها أمر لا يمكن فهمه و تقبله، إذ إن من الواجب على كل إنسان لاسيما العربي المسلم والمسيحي على حد سواء أن يرفض اغتصاب أرض عربية، وأن يثور ضد القهر الذي يمارس على شعب شقيق أعزل تم حرمانه من أبسط حقوقه، ألا وهو الحق في الحياة كمواطن على أرضه وأرض أجداده وأن يستعيد ما سرقته العصابات منه وأن يحيا بكرامة وسعادة.
إننـــا في الكويت لســنا راديكاليين يا عزيزي جـــاريد كوشنر، بل نحن أصحاب حق ودعاة سلام، لكــن سلام العدالة والحق لا سلام الذل والهوان، واعلم يا عزيزي أن طريق السلام لا يبلغ بالتحيز أبدا.