ليس معقولا أن بلد مثل بلادنا الدستورية التي تحترم حقوق الإنسان وتنفق الكثير دون منة على أعمال البر والخير والمساعدات للدولة الشقيقة والصديقة أن تشهد ظاهرة خطيرة وهي انتشار أطفال في الشوارع وعند إشارات المرور لبيع أشياء صغيرة مثل زينة السيارات وهي ظاهرة تسول ولكن تحت اسم بائع متجول، وكثير من هؤلاء الأطفال يرفض اخذ صدقة أو بقشيش ويكتفي بسعر السلعة التي يبيها وهذا أيضا مؤشر على انهم ليسوا «حرامية» وإنما هم محرومون وعندهم كرامة ولا يوجد لهم فرصة للعيش إلا بالوقوف بالشوارع وعند إشارات المرور.
«هذا غير معقول ودليل صارخ على فشل السياسات الحكومية الهادفة إلى حل مشكلة البدون وأكثر من ذلك ان المشكلة لم تعد محصورة في الجيل الأول للبدون بل امتدت إلى جيل جديد هو الجيل الثالث من المحرومين الذين يعانون من فشل الحكومة وعجز مجلس الأمة».
وهذه ظاهرة لن تمر مرور الكرام وستكون لها تداعيات كبيرة وآمل ألا تكون سلبية بدرجة كبيرة وآمل أن أكون مخطئا في توقعاتي.
ولكن كل شيء يشير إلى صدق توقعاتي المتواضعة وسبق أن حذرنا من المماطلة في هذا الملف مرة تلو الأخرى ولكن السياسة الحالية للحكومة هي المماطلة والطناش وترك الأمور للمصادفة، والبركة، أو الحكومة الجديدة باعتبار أننا نعاني من عدم استقرار الحكومات وهنا لابد أن نكون على وضوح تام وهو اننا لا نتكلم عن التجنيس وإنما عن حقوق إنسانية تحارب الفقر والجوع والبرد والمرض وتأمين السكن وحقوق البيع والشراء والزواج والوفاة بشهادة رسمية.
نعم حقوق إنسانية يستمتع بها الوافد ويحرم منها البدون، الأمر الذي دفع بهم للمخاطرة بأرواح أولادهم الواقفين عند إشارات المرور لبيع أدوات الزينة أو المنتشرين في الشوارع يبيعون الخضار والفواكه والتمور بحثا عن لقمة العيش والستر دون اللجوء للسرقة التي انتشرت بشدة مؤخرا وفقا للإحصاءات.
نريد حلا حاسما وسريعا يؤمن الحقوق الإنسانية ويعود بالأطفال للمدارس بدلا من الشوارع ويجب انصافهم بقرار شجاع للمستحقين منهم وهذا أفضل من سياسة المورفين التي لا يشير بها إلا عشاق المجازفة بشأن الدولة واستقرارها، ونريد فصل موضوع التجنيس عن الحقوق الإنسانية والتعامل مع الأخيرة بنفس معيار نجدة الأشقاء والأصدقاء الذي تمارسه الدولة بين الحين والآخر ولا نريد مماطلة أكثر فقد وصلت السكين إلى العظم.