الكل يعلم من خلال بطون أمهات الكتب التاريخية أن أول قانون شرع وضعيا هو قانون حمورابي لتنظيم العلاقات الإنسانية بين المؤسسة الحاكمة والفرد الذي يعيش في الدولة، وقد أتى من بعد ذلك فكرة الديموقراطية لأفلاطون الفيلسوف اليوناني المعروف.
وعلى الكثير من التبعات التي نقرأها في تاريخ الثورات الإنسانية وسواء كانت الفرنسية أو الأميركية أو البريطانية أو أي ثورة قائمة على فكرة التغير كان ولا بد للبعض الأشياء أن تعرف بنفسها ودورها الإنساني، هي فكرة الأخلاق وجوهرها الحقيقي.
كانت الفكرة الجوهرية والقضية الإنسانية الكلية، أو لنستطيع القول الرؤية الكونية بجزئياتها وكلياتها تنصب على عدة أنماط من التساؤلات: الله، الكون، والإنسان، ونحن شئنا أم أبينا نحتاج فيه الى العامل اللغوي الذي يلعب بشيء أو بآخر على متن ما نفهم وما نفكر وما نستنتج وما نتصور.
اليوم في ظل الصراعات والانفتاح الاجتماعي وتغير في مفاهيم القيم الكلية نستطيع أن نرجع أي منظومة اجتماعية أخلاقية لمنظومة «الأيديولوجيا»: ففكرة الرأسمالية مثلا هي فكرة قائمة على الصراع والانتخاب الفردي الأفضل وفكرة تعزيز التكامل الاجتماعي هي فكرة مهلهلة لديهم ولا أفضلية للجماعة على روح تحدي الفرد وطموحه، الاشتراكية عكس ذلك تعزز من القيم الاجتماعية وتهلهل قيمة الفرد وهنا يأتي سؤال رابع: أصالة الفرد على المجتمع أم العكس؟
وفكرة الأصالة من الجدليات الثقافية التي يعاني منها أي مجتمع له تصور حضاري، له تاريخ ومتن نابع منه، الإنسان الشرقي له أصالته وماهيته الخاصة فهي بطبعها ذات أصول متجذرة في بوتقة الدين، له خصائصه ومميزاته التي تميزه عن إنسان الغرب الذي لطالما كان هناك صراع وفق المبدأ القرآني بين الخير والشر، الخير المتمثل في الله والشر المتمثل في الشيطان الذي أقسم على غربلة بني الإنسان في أوحال هذه الدنيا.
لطالما كان الإنسان الشرقي مرتبط بماهية الله والطبيعة والتدين، على عكس الإنسان الغربي الذي ظهر مفهوم الدين لديه متأخرا مقارنة ببداية ظهور الدين عند شقيقه الشرقي.
اليوم صنع الغرب من على أطلال المسيحية حضارة البوب التي صارت تنخر وتنخر بكل همجية رعناء في خاصرة الحضارات، تريد تذويب كل ما له أصل بتقليد وهوية البلدان وصنع هوية عالمية تتعامل بلغة العولمة، مقابل ذلك هو أن تذيب الطبقية الثقافية في مقادير الشعوب مقابل هيمنة الفكر البرجوازي على عقلية الإنسان.
فكرة البرجوازية هي سيطرة عقل المادة على نطاق عقل الإنسان فغدى الإنسان كائنا يفكر فقط في المال والصناعة وليس من أجل قيم عليا، وهنا أرجع وأقول أين هي أخلاقيات السماء عن أخلاقيات أهل الأرض؟