أنوارعبدالرحمن
هذه رسالة كتبتها على لسان إحدى الطالبات توجهها إلى معلمتها التي تتعامل معها بقسوة لا مبرر لها، لعلها تحرك قلبا غفل عن مشاعر الإنسانية في خضم الحياة المادية، ولكل معلمة ومعلم أقول هؤلاء بناتنا وأبناؤنا بين أيديكم أمانة، واعلموا أن ما تزرعونه من خير أو شر.. ستحصدون نتائجه!
معلمتي.. أخبريني... كيف لي أن أجيب على هذه الأسئلة؟ ونظراتك التي تحوم حولنا، تخصيني بالنصيب الأكبر منها...! أتساءل وأنا أمسك بالقلم ورأسي المطأطئ يكاد يلامس ورقة الاختبار التي أمامي على الدرج، لماذا أنا بالذات؟؟
ما الذنب الذي اقترفته كي تتسلطين علي بهذه الطريقة؟!... تمنيت لو أن لي الجرأة الكافية لأسألك هذا السؤال الذي يقلقني دائما وأبدا، أنا أعلم أنك تعلمين ذلك، فهي ليست المرة الأولى التي تتعمدين فيها إيذائي..!
في الامتحان التحريري السابق وقفت عند رأسي مثلما فعلت اليوم، أربكتيني، صارت يداي ترتجفان، حتى الإجابات التي كنت متأكدة من صحتها، أصبحت تتراقص أمامي متمايلة، فاختلطت الأمور عندي وصرت أمسح وأشطب وكأني لا أدري، ولا كنت أعرف !
وأنت تنظرين إلي بكبر وغرور، وكأنك تصرين بتحد على إرباكي...!
في هذه اللحظة التي تلتصقين فيها بدرجي، تذكرت.. استهزاءك بي أمس الأول ، يوم أطلقتي علي صرختك وقلتي «يا غبية» وذلك عندما طرحتي علي بعض الأسئلة ، وتعثرت الحروف من فمي من شدة خوفي منك، وكأني طفلة للتو تتهجأ الكلمات... حتى صرت أضحوكة الفصل في تلك الساعة التعيسة من حياتي، صغرت بعين نفسي وأنا أرى كرامتي تهان بلا سبب.
لماذا لا تستسيغينني؟ أهو شكلي الذي لا يعجبك كما ألمحت لي من قبل؟! أم استيعابي البطيء الذي ليس لي به ذنب وتسخرين دائما بسببه مني.
كل تصرفاتك توحي لي بأني مذمومة ومنبوذة عندك في هذا الفصل، ولا ترغبين حتى بوجودي بينكن.
شكوت لأمي ذات يوم سوء معاملتك لي وعندما توجهت هي بدورها للإدارة، بادروها (بالنسبة للمعلمة سيتم إبلاغها بشكواك، وعلى ابنتك الانتباه عند الشرح والمشاركة بالفصل).
لا أخفي عليك جلست مع نفسي ولمتها، وصرت أبحث عن عيوبي وأصحح من أخطائي، حتى أخذت على نفسي عهدا أن أبدأ بنهج جديد أكثر حماسة وجدية، وعندما دخلت علينا الفصل في اليوم التالي، وصرت تسألين عن الدرس السابق والمفاهيم التي استخرجناها ، مددت يدي بثقة للمشاركة، ورفعت صوتي (أبله... أبله... أبله).
نظرتي إلي باستغراب، وشحت بوجهك عني بتعمد واضح، وكأنك ترفضين وضعي الجديد، ولم تسمحي لي حتى بالمحاولة وهذا سيكون افضل من تلك النظرة السيئة نحوي.
والآن ومثل كل مرة، تكررين ذلك المشهد، لكي تهزي من ثقتي بنفسي، وتصرين على إيذائي بنظراتك الدونية لي، التي أراها تنطق بوضوح بدل لسانك: يا غبية.. يا بليدة.. يا.... لن تخرجي من هذا الاختبار بنجاح، ليس لك سبيل إلى التفوق!
ويدي ترتجف، ودقات قلبي تزيد، كأنني أهرول إلى مكان بعيد... أستغيث برب العالمين، بعيني الدامعتين.
يا معلمتي، يا من صار مستقبلي بين يديك، لك يوم ستسألين فيه أمام الله، وستشهد عليك جميع جوارحي بأنك... كنت ظالمة... ظالمة..!!