أنوارعبدالرحمن
في أحد المهرجانات الخاصة بالفتيات، قامت إحدى الأخوات بتكريم بعض الحاضرات والمشاركات في الحفل وأعطت كل واحدة منهن لقبا تحمله، ثم ذكرت اسمي، وإذا بي أفاجأ بأنها منحتني لقب «دكتورة الحب»، وقتها تساءلت بيني وبين نفسي ما الذي شعرت به خلال تعاملي معها ومع طاقم الحفل في أيام معدودات حتى تكرمني وتعطيني هذا الاسم الجميل؟
وعندما اختليت بنفسي تذكرت بعض المواقف التي مرت بي في حياتي، وخلال تعاملي مع كثير من الناس حين كانوا يمنحونني هذا الشعور بردود أفعالهم، إذن فهم أيضا يستحقون مثل هذا اللقب وأكثر، بسبب نقاوة قلوبهم وتعاملهم مع الآخرين بالإحساس نفسه، بل ربما بطريقة أفضل مني، وبت بعدها أثق ثقة عمياء بالمقولة التي تقول ان من يمنح الحب، يحصل بلا شك على الحب.
اذن لقد كان شعورا متبادلا!
تخيل لو كانت لديك قطة أو حمامة أو حصان أو أي حيوان آخر، وكنت تعتني به وتهبه هذا الشعور حتى أصبح هناك تآلف بينكما واحساس عن بعد، كيف عرف هذا الحيوان الحب في قلبه؟! وما الذي جعله يتصرف معك بطريقة جديدة، بل مغايرة عن الحيوانات التي مثله وكأنه خرج للتو للحياة، وأصبح له عقل وفكر آخر فيه من صفات لإنسان؟! حتى الاشجار والازهار والنباتات تبادلك هذا الحب، حينما تعتني بها وتشعر بيديك الحنونتين، وهذا ما افصح عنه الفلاحون واصحاب الاراضي الزراعية.
يالله كم هو شعور جميل يرقى بنا ويرفعنا ويصنع المستحيل في نظرنا! بل تجد نفسك تبصر بعين ثالثة ترى ما لم تره من قبل، ترتبط بها الارواح فتعلم حال من تحب وتشعر بمشاعر نحوه قد لا يشعر بها الآخرون.
فهذه الاحاسيس بالذات مصدر قوتها في عفويتها، فلا تحتاج الى التملق وتزيين الكلمات لحاجة في نفوسنا كي نتعامل بها مع الناس حتى نصل الى قلوبهم، بل الصدق هو منبعها واساسها فقط، فلنمنح نفوسنا هذا الحب كي نحب غيرنا، أو على الاقل نعيش بسلام مع عالمنا والطبيعة التي حولنا.
سألت نفسي ما الذي سنأخذه من هذه الدنيا لو اننا كرهنا هذا أو عادينا ذاك لمجرد الاختلاف في الافكار او الطبائع او امور اخرى لا استطيع حصرها الآن في هذه الخانة الصغيرة..؟!
آمنت ان الحب حتى يبقى، لابد ان يكون مطلقا، يسبح في مساحة كبيرة من هذا الكون الواسع عبر الافق وعبر الروض ويتخلله النور، ولا يدوم الا مع الاحترام والتواصل الذي يخلو من الطمع والمراوغة والخبث والنفاق.
الحب الحقيقي دائما يعيش في حالة تمدد، يبحث عن الانطلاق في المشاعر لا حكرها على شخص معين، عندما تستشعر ذلك فانك ستعيش حتما في طاقة الحب هذه التي تدفعك للعطاء والتضحية لمن يسكن هذا الكون ويتفاعل معك، على مدى سنوات طويلة لا ينتهي اثرها.
اذا أردت ان تعرف انك تعيش في حالة حب اكتشف ذلك بنفسك، في محيط الحياة الهائج المتقلب.
قبل الختام، انظر وتأمل ايها القارئ بعض اسماء الله الحسنى التي تفيض حبا لابن آدم ومن يسكن في هذا الكون الواسع، كالرحمن والرحيم والرؤوف والحليم، والغفار والوهاب والكريم وغيرها، وقد منحنا هذا الشعور العظيم الجميل في قلوبنا، والا كيف يتفجر الماء من الصخرة الصماء؟! فالحب هنا يجب الا يبادل الا بحب مثله ورضى بالقضاء والقدر، فلننظر كيف يكون حبنا لله سبحانه وتعالى أولا؟!
شي ما شفتوه:
عندما تعمل في حياتك بدافع الحب، ستعيش في اجواء جميلة عميقة في مشاعرها لا يعيشها بعض الناس ممن حولك، ربما لأنهم لم يتعاملوا معه بالشكل الصحيح.
اعترف بأن هذا هو شعور الحب الذي أعيشه الآن، حب قرائي، حب الاهل والاصدقاء ومن حولي من الناس فلله الحمد أولا واخيرا.
الى من منحت قلبي لهم، وبلا شعور منهم منحوني قلوبهم، فشكرا لكم جميعا.
هكذا الحب يكون!