أنوارعبدالرحمن
لم أشعر بابنتي الصغيرة عندما تسللت إلى حجرتي لتفتح جهاز الحاسوب الخاص بي وتكتب بعض شخابيطها، فقد كنت منشغلة بمكالمة خارجية مع إحدى قريباتي، وما إن أنهيت حديثي وإلا بابنتي تحتضن «اللاب توب» وتتلهى به، فزجرتها وطلبت منها أن تعيده إلى مكانه وتذهب إلى غرفتها لمراجعة دروسها، وبعد ساعات قليلة تذكرت أنه لابد من إرسال مقالتي للجريدة، ففتحت جهازي نفسه وأخذت أتصفح آخر مواضيعي، وإلا بي أقرأ في حاشية صفحة «الوورد» الكلمات التي كتبتها ابنتي، وأفاجأ بالجمل المعدودة ومشاعر الحزن التي دفعتها للكتابة وأخفتها عني، فقد كتبت بصيغة الأطفال: «من يمسح دمعة الأبرياء، من يمسح دماء الشهداء، من يمسح دمعة الأطفال، من يحمي الأطفال من شر قاتل، صرخت بأقصى صوتي أنقذوا فلسطين»، بهذه الجمل اختصرت صغيرتي الرسالة، التي تود أن تصل إلى مجرمي الحرب ومغتالي الطفولة، وأعلم أنها ليست أول طفلة يؤلمها ما يحدث على أرض غزة من دمار وتشريد، ولو تركت للأطفال مساحة للتعبير عن مشاعرهم لوجدنا الألم يتحدث على لسانهم وأقلامهم وألوانهم.
في الحقيقة وددت لو أن بعض الكتاب الذين تجردت منهم مشاعر الإنسانية، وأخذوا يكيلون التهم على أعضاء «حماس» متجاهلين العدو الحقيقي والهدف من وراء هذه الحرب والإبادة، أن يقارنوا بين ما يكتبون وما يكتبه أطفال العالم عن الظلم والحرب والفقر، وأن يضعوا نصب أعينهم أن نصرة المسلمين حق وواجب علينا جميعا بما لدينا من إمكانيات يحددها ويقدرها ولاة الأمور، وأن الظلم والقتل مرفوضان ولا نقبلهما لمسلم أو لكافر على وجه الأرض.
ولا أنسى قبل أن أختم مقالتي هذه أن أذكر لهؤلاء الكتاب، الموقف الإنساني لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، عندما سمع بنبأ العدوان على غزة الجريحة، قام سموه على الفور بإرسال المساعدات لهذا الشعب المنكوب، بإحساس مفعم من سموه بالمسؤولية تجاه اخوة الدين والعروبة والإنسانية، فلنكن كقائدنا في فعله هذا الذي يدل على قلبه الكبير، ولتكن الأقلام عند المواقف أداة خير وبناء، فرب كلمة حق وعدل كتبها طفل في هذا العالم أشرف من كلمة باطل وظلم كتبها كاتب مخضرم، ولكن للأسف يسيء إلى سربنا، سرب المحبة والخير والسلام.