لعل الوقاية من أهم أساليب العناية الصحية بالفرد والمجتمع وجزء منها هي التشريعات والقوانين كوسيلة لتطبيق التدخلات الوقائية الصحية، وعلينا عدم الاستهانة بالخطوات البسيطة على المستوى المجتمعي لأنها تراكمية مع الزمن وتنتج حالة تغييرية ومنها التوصيات المقرة حديثا من المسؤولين بخصوص وقف المواد الغذائية غير الصحية من حصص التموين الشهرية المقدمة للمواطنين الكويتيين، حيث هي خطوة في المسار الصحيح ويجب أن تلحقها خطوات أخرى لتعزيز صحة المجتمع وضمان العافية للفرد من الناحية الوقائية.
فالكويت تعاني من انتشار الأمراض المزمنة المرتبطة بالسمنة بصورة مباشرة كمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان كسرطان الثدي والقولون والكبد والمريء.
وبما أن طرق الأكل غير الصحية من أهم مسببات السمنة فإن القرار الأخير يعتبر أحد خطوات التغيير والتأثير المهمة والتي يجب أن تأتي بعدها قرارات أخرى في نفس الاتجاه الصحيح والذي جزء منها كذلك زيادة التثقيف الصحي وبخاصة جيل الأطفال في مراحل الروضة وما فوق ولعل ذلك ما استدعى إعادة الطلب لعودة الوجبات المدرسية الحكومية عبر التنسيق ما بين وزارة الصحة ووزارة التربية كما كان معمولا به في السابق فقد يكون ذلك عن طريق إنشاء مطابخ مركزية في كل محافظة أو عبر إنشاء شركات غذائية خاصة تخضع لرقابة مستمرة من وزارة الصحة وهيئة الغذاء والتغذية وهذا جزء من مساعدة الأطفال على خلق وعي صحي وفهم لما يجب أن يأكلوا وتثبيت نمط حياة صحي يتجنب السلوكيات الضارة ويجعلهم يتقبلون الأطعمة الصحية في المستقبل.
وهناك من يطرح في نفس السياق عبر تجارب ناجحة في دول أخرى مسألة فرض ضريبة على الوجبات الغذائية غير الصحية كجزء من محاربة العادات السيئة في نوعية الأكل وأيضا منع استخدام الزيوت المشبعة في المطاعم وهناك كذلك من يقول في ربط الترقية الوظيفية مع وجود كتلة شحمية طبيعة وفرض فترات رياضية إلزامية للعاملين في مؤسسات الدولة وهذه كلها أفكار تتحرك كلها في خط تغيير الواقع الصحي للفرد والمجتمع إيجابيا على المستوى الوقائي.
الجدير ذكره، التجربة البريطانية ذات النفس الطويل والرائدة في مجال الصحة العامة، حيث قامت الدولة هناك بواقعية وصبر في تقليل كمية الملح المستخدمة في صناعة الخبز على مدى زمني طويل، حيث تم تقليل كمية الملح المستخدمة تدريجيا سنويا لتعويد الشعب هناك على الطعم الجديد! للوصول إلى الرقم القياسي الضامن للحالة الصحية من حيث تقليل من نسبة ارتفاع ضغط الدم في المجتمع وهذا مثال على خطوة مهمة بسيطة ولكن تراكمها مع عناصر أخرى يصنع السعادة الصحية من غير صناعة اضطراب فجائي في الواقع وهذا مركب النجاح المطلوب تفعيله وتطبيقه على واقعنا نحن.