إن الوطنية ليست «عنصرية» وهي الارتباط بحب الأرض عبر الأجيال، وهو أمر لن يعيشه ولن يحس به من هم «غرباء» ومن ليست لهم علاقة مع الأرض، وكذلك هي مرتبطة مع تاريخ «البلد» وقصص وحكايات العائلات المؤسسة المتواصلة الإقامة فيه، هذه الأمور كلها تصنع روابط عاطفية وروحية ما يصنع «هوية» للبلد وشكلا وتميزا، ومن يفتقد ذلك الأمر ليس له «وجود»، لأن للمجتمع كيانا وشخصية تعيش التجانس والتكامل وعدم التناقض، وهي منتوج «أجيال طويلة» وليست طارئة أو مستحدثة، يتداخل فيها القومي مع الديني مع التاريخي مع العرقي، وهذا ما لاحظناه مع اليابان الدولة والمجتمع وشاهدناه جميعا متجسدا مع الأداء البطولي الرجولي لمنتخبها الكروي في كأس العالم، كان أمامنا «هوية» واحدة من اللاعبين إلى الطاقم الفني وكانت هناك خصوصية واضحة على عكس بعض المنتخبات الأخرى، لذا كان القتال للفوز وصدارة مجموعتها ليست حالة وظيفية لأجل المال بل مسألة روحية عاشقة للوطن، وليس للحصول على مزايا ومكاسب وارتزاق.
إن اليابان تحافظ على شخصيتها الفردية والاجتماعية وتحرص على خصوصياتها وتصون وحدتها الوطنية ونظام قيمها، وهذا ما تؤكده من خلال حماية القيم والتقاليد وهو ما جددته مؤخرا حين رفضت المحكمة العليا هناك الترويج للشذوذ الجنسي والانحرافات السلوكية وهي ضد حقوق المثليين وزواجهم بما يمثله من تدمير لنظام العائلة وإلغاء دور الأب وضرب للدين والأخلاق وتناقض مع الفطرة البشرية السليمة.
الوطنية «اليابانية» تتعلق بالدولة وقوانينها وهم الكيان المطلوب الحفاظ عليه وحمايته وأيضا الالتزام في النظم المؤسسية، لذلك لا تهتم اليابان بالخطابات «الفردية» ضد الدولة وقوانينها وهي ترفض كل ما يسقط الدولة ويضرب تجانس مجتمعها ولا تسمح لمن هم «غرباء عن الوطن» ومن ليست لهم علاقة قانونية معه بأن يتحركون ضدها.
لذلك، قامت الدولة اليابانية بإصدار «قانون هجرة» لمن هم «غرباء عن الوطن» لكي يتحركوا ضمن النظام العام وليس عكسه وبما فيه مصلحة الدولة والمجتمع بما لا يدمر «التجانس الياباني وهويتهم الوطنية الخاصة»، لأن من هم «غرباء عن الوطن» ليس موقعهم أن يتحركوا ضد القانون أو أن يدخلوا ضمن نسيج المجتمع الياباني التاريخي أو أن يكونوا ضمن «سلطة الدولة» أو أن يصبحوا من المستفيدين من مزايا وحقوق المواطن الياباني أو أن يدمروا شخصيته الفردية والاجتماعية.
إن نجاحات الساموراي الياباني في الدولة والمجتمع والفرد وأيضا في الصورة المشرفة لهم في كأس العالم جاءت لأنهم يعشقون وطنهم ويحافظون عليهم في خط التطبيق الواقعي وهذا الأمر ليست أغنية أو كلاما إنشائيا، بل في منع دخول الغرباء خارج نطاق القانون في شكل غير نظامي، لذلك التجنيس محصور في السلطة وموافقتها، وهذا تصرف صحيح يقوم به الساموراي الياباني ضد الغرباء عن وطنه.