قرأت في احدى الوكالات الإخبارية العالمية خبرا مفاده، «أن رجلا مليارديريا بوادي السليكون الأميركي دفع مبلغ 10 آلاف دولار، لإحدى الشركات التقنية للاحتفاظ بصيغة رقمية من دماغه تبقى من بعده في حال موته».
وتعني الفكرة ببساطة تحميل معلومات الدماغ إلى جهاز كمبيوتر، بحيث تبقى ما بعد وفاة الشخص، وذلك بعمل نسخة سحابية للدماغ على غرار الأجهزة الذكية التي تكون قاعدة بيانات تحفظ ويسهل الوصول إليها في حال عطب الجهاز أو فقدانه.. الغريب في الأمر أن هناك 24 شخصا في انتظار مشروع الشركة المسماة «نكتوم» ليتم التطبيق عليهم، بعد أن دفعوا التكاليف المطلوبة.
هذا يعني انه بإمكاننا في المستقبل أن نحتفظ بنسخة دماغية للعباقرة والعلماء والمفكرين بحيث نستطيع أن ندخل إلى مسارات ودهاليز أمخاخهم متى ما استدعيت الحاجة الى حل مشكلة في مجال تخصصهم أو فك شفرة مخترعاتهم وطرق تفكيرهم الذي أوصلهم لهذه السابقة العلمية.
الجدير بالذكر أن سعة تخزين هذه الأدمغة المستنسخة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى دماغ الإنسان العادي، ستكون على هيئة قاعدة بيانات تتكون من مليار خلية عصبية، أي ما يعادل سعة تخزين تبلغ 2.5 بيتابايت (مليون غيغابايت)، وعلى سبيل المقارنة، إذا عمل دماغك مثل جهاز تسجيل الفيديو الرقمي في التلفاز، فإن 2.5 بيتابايت ستكون كافية لعرض ثلاثة ملايين ساعة من البرامج التلفزيونية، هذا يعني انك ستضطر لترك التلفاز مشتغلا بشكل مستمر لأكثر من 300 سنة قبل أن ينفد حيز التخزين الموجود في الدماغ!
وهنا يجب التنويه إلى أن هذا البحث الاستنساخي غير قابل للتطبيق حسب رأيي الشخصي بل ولن يكون له واقعية تذكر في المستقبل، لأنه بمجرد خروج «الروح» ستنطفئ كل خلية في عموم الجسم، وسترتحل مع الروح جميع المشاعر والذكريات الى يوم يبعثون، في حين قد تأخذ هذه البحوث غير الواقعية وتغير مسارها إلى واقع يستفاد منه في المجالات الطبية، كأن ينتج «عقار» لاستصلاح التالف من خلايا المخ العصبية نتيجة مرض الزهايمر أو التعرض للإصابات العرضية والتي قد يفقد المصاب جزءا كبيرا من ذكرياته ومشاعره الانفعالية والنفسية.
والأمثلة كثيرة على بحوث كان يراد لها اختراع معين ففشلت وتحولت إلى اختراع آخر مبهر جدا، خذ مثلا (عقار البنسلين) و(جهاز تنظيم ضربات القلب) اللذين خرجا من رحم المصادفة لبحوث فاشلة.
على أي حال، ما أريد قوله هنا علينا ألا نعطل الأبحاث ونوقفها لمجرد التضاد العقلي والمنطقي كبحثنا السالف ذكره، وشواهد التاريخ كثيره في وصم بعض العلوم والتجارب والأبحاث في وقتها على أنها من السحر والشعوذة، واليوم يستفاد منها وتعتبر من ركائز العلوم وذخائر المعرفة التي يقوم عليها تطور المجتمع.
Twitter: @A_F9966