لم تأت الشريعة الإسلامية بالحدود والأحكام فقط إنما جاءت داعية الى فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق وحضت عليها كما حضت ودعت الى تطبيق الحدود والالتزام بالأحكام الشرعية.
يقول الشيخ الشعراوي وهو أحد الملهمين في عصرنا «أتمنى ألا يصل أهل الدين الى السياسة، وأتمنى أن يصل الدين لأهل السياسة» أو معنى قريب من هذه العبارة.
والعبارة تصلح لجميع المذاهب والأديان، ذلك لأن أهل الدين لهم من التأثير الكبير على عامة الشعوب، وطبيعة الشعوب منجذبة لدينها ومتعاطفة مع من يدعى الحفاظ عليه، وهذه فطرة جبلت الشعوب عليها واستغلت من رجال الكنيسة في عصور أوروبا الوسطى أبشع استغلال مما أدى الى نفرة الناس من الكنيسة ورجالها الذين طوعوا الدين للسياسة ولم يطوعوا السياسة للدين.
ومع بروز تيار الإسلام السياسي الذي يقوده الإخوان المسلمون واستحواذه على السلطة في مصر وتونس والمغرب وقريبا ليبيا وسورية يرجع النقاش القديم الجديد في الخلط بين السياسة والدين، واعتبار أن تصرف الإسلاميين في سدة الحكم هو شرع الله وهو هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا ليس بالضرورة، الخطأ خطأ والصواب صواب ولا تزر وازرة وزر أخرى.
ولنا على ذلك شواهد عدة منها لبنان حيث ينقسم المسلمون السنة والشيعة والمسيحيون كذلك لأن السياسة ولاءات متعددة ومتجددة بينما الدين ولاؤه واحد وهو الولاء لله ورسوله ومعاداة من حادهما.. وهنا يكمن الخلط لدى المتابع للحراك السياسي المحلي والعربي والإقليمي فيجد أن التيارات الإسلامية ولاءاتها متعددة سواء كانت سنية أو شيعية أو مسيحية فلا تلتفت تلك التيارات الى الركيزة الأساسية في الدين وهى الولاء والبراء مما يثير علامات الاستفهام في الكثير من مواقفها السياسية المخالفة لأصول الدين.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» فأهل الدين إن اتجهوا الى العمل السياسي فهم أهل سياسة ولا تؤخذ أقوالهم وأعمالهم على أنها دين الله إلا ما وافق شرع الله.
وينطبق ذلك على الأحداث السياسية الأخيرة والحراك الخطير في الكويت من فجور بالخصومة وادعاءات متبادلة بالرشوة والعمالة للآخر، فهذا لا يمس للدين بصلة وإن ظهر ممن يدعون التدين.. والله أعلم.