كفل الدستور الحقوق التي تضمن للمواطن العيش بصورة كريمة، مع مراعاة جوانب الرفاهية المحيطة به، كما أخذ الدستور على عاتقه إلزام القانون بحقوق المواطن وعدم التعدي على أي منها، وقد تنوعت الحقوق كما تنوعت الواجبات في مواد الدستور الكويتي، والذي يعتبر دليل المواطن الشامل لحقوقه وحدوده في نفس الوقت في هذا العصر.
وتختلف المفاهيم حول العديد من الأمور في مجتمعنا في الوقت الحاضر والتي هي ناتجة عن التفسير الخاطئ لبعض مواد ونصوص الدستور والتي يجهلها الكثير من الناس إلا ما ندر باستثناء المشرعين، وقد يقوم البعض بتفسير بعض المفاهيم بصورة خاطئة وعن عدم دراية بمواد الدستور وتشريعاته مما يترتب عليه العديد من المفاهيم الخاطئة.
ومن المفاهيم التي يجهل جوانبها البعض مفهوم الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي، ويجهل العديد الهدف من هذين الحقين اللذين كفلهما الدستور، ودعمهما بقوة، وحرص على تطبيقهما بالصورة الحقيقية.
ويظن العديد في وقتنا الحالي أن حرية التعبير هي صورة من صور الحرية، والتي تتيح للفرد قول ما يشاء وقتما يشاء، وفي أي مجال من المجالات من دون مراعاة الجوانب التي تترتب على القول، وهنا يبرز أحد المفاهيم الخاطئة لدى العامة والتي تنطلق من مفهوم الحرية غير المسؤولة.
إن حرية التعبير يجب أن تكون في المجالات الإيجابية بهدف النقد البناء والتطوير، وليست بصورة النقد السلبي غير المسؤول، كما أن محاولات إبداء الرأي من دون وجود خلفية واضحة للأمور، ومعانيها تنعكس سلبا على مفهوم الحرية، فيترتب على ذلك تشويه صور العمل وعرقلة الإنجاز المرجو والمطلوب.
إن الحرية يجب ألا يتم تشويه معانيها وتغيير الهدف المراد منها، وان التجريح والتعدي بالأقوال والاتهامات لا يعد من الحريات أو أي نوع من أنواع التعبير عن الرأي، كما أن الإفتاء في بعض الأمور من دون الإحاطة والعلم بمجريات الأمور ومن دون سابق معرفة وجهل لا يعد أيضا من سمات الحرية، بل يعد نوعا من أنواع التدخل الأعمى، والذي من شأنه أن يعيق ويثبط الهمم.
لا يختلف اثنان في الكويت على أن الحرية المسؤولة هي إبداء الرأي السليم مع الوعي الكامل بجميع الجوانب من دون الإساءة واتهام الآخرين، وان احترام رأي الغير حق مكفول لجميع المواطنين، ولا ننسى أن هناك بعض الأمور تتطلب نظرة شمولية يعود الرأي فيها لأهل الاختصاص وأصحاب الخبرات، وأصحاب النظرة البعيدة والمستقبلية في هذه الأمور التي تقع في نطاق المصلحة العامة، وهو ما قد يجهله الكثيرون، كما يجب علينا تقدير هذه الحريات المكفولة، واحترام التخصص، وإدراك حقوق الآخرين في التعبير عن رأيهم أيضا، إن الاجتهاد لا يعتبر اختلافا في الرأي ولا يعتبر تحديا أو معارضة، ويجب ألا يكون الاختلاف في المصالح والأحقاد الشخصية أساسا للاختلاف في الرأي والمعارضة العمياء، إن تطوير الكويت وتقدمها يجب أن يكون نصب أعيننا، وإن الاختلاف لا يفسد للود قضية ان كان الهدف المنشود هو المصلحة العامة، فيجب علينا أن نبتعد عن المصلحة الشخصية.. مبروك يا أهل الكويت على الأفراح وعساها دوم.
[email protected]