عذرا يا أختي انت لست فنانة او مطربة ليدعمك جميع الناس... القارئة ترتل القرآن بطريقة خيالية... ما شاء الله!
عذرا يا صغيري فأنت لست تغني ليدعمك الناس.. أغلق الفيس نهائيا ان عجزت يداك عن كتابة ما شاء الله!
سامحني يا بني فليس هناك من يدعو لك (وصورة لمريض أو مصاب أو معاق)!
لو لم تكتب أستغفر الله فإنك تنكر نعم الله عليك!
إن لم تذكر الله فإنك كافر!
والكثير من هذه الأقوال العجيبة تملأ مواقع التواصل خاصة «الفيس بوك»، فمثل هذا يدخل في تعريف البدعة المذمومة شرعا.
سوف أفترض صلاح النية في نشر مثل هذه الصور الدعوية بأن الغرض منها هو الإرشاد والتذكير والأمر بالمعروف وفي هذه الحالة:
أولا: ذكر الله تعالى عبادة يجازي سبحانه من فعلها ولا يعاقب من تركها فأنى لك أنت أن تعاقبه وتدعو عليه أو تصفه بتلك الأوصاف؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والترهيب والابتداع».
وهذه التصاميم تحتوي على التحريج والإقسام على من يراها أن يذكر الله تعالى أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة معينة أوعدد معين ونحو هذا، والدعاء على من لم يفعل هذا، لا شك أنه ليس من الهدي الشرعي.
ثانيا: الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بالدعوة إليه بالحكمة، حيث قال: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) «النحل: 125»، وهذه التصاميم ليست من الحكمة في شيء بل إنها تؤدي إلى عكس المقصود منها، وقد تولد في كثير من المتصفحين النفور من الإرشادات الشرعية.
ثالثا: النصيحة لها آداب، ينبغي للناصح أن يتحلى بها.
أثناء كتابتي ذلك المقال تذكرت حادثة في صميم الموضوع حدثت لي شخصيا في بلدتي التي ترعرعت فيها.
ذات يوم قابلني في الطريق شيخ اتجه للالتزام حديثا ونظر إلي وقال: (جهنم وبئس المصير)! صدمت من هول الدعاء وقوته على نفسي ولم أرد عليه وذهلت لأن زيّي لم يكن متبرجا! ثم تعجبت: كيف هو شيخ يمثل الإسلام والواجب أن يتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل ذلك، غضبت غضبا شديدا خاصة أنني في تلك الفترة كنت أرغب في ارتداء الزي الشرعي بكامل مواصفاته.
صدقا هذا الموقف أخّر تطبيقي تلك النية أعواما لكنني حينما اعتزمت قمت به على أكمل وجه وقتها.
لم يغادر ذلك الشيخ ذاكرتي واعتزمت الذهاب الى بيته ومواجهته بالأثر السلبي الذي أصابني إثر دعائه القاسي علي، وما هداني الله إليه دون واعظ جاهل لشرع الله مثله وبعد وصولي الى منزله رفعت يدي على بابه لكنني أعرضت عن ذلك وقلت سأدعو له بالهداية.
قال الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
الدعوة إلى الله والتذكرة تأتي بالترغيب لا الترهيب والغلظة والإلزام، الله سبحانه وتعالى لم يحمل إنسانا على الإيمان به رغما، فكيف تفعل أنت؟! ولا يحاسب إنسانا على عمل غيره.
فقال تعالى في آخر سورة الكافرون: (لكم دينكم ولي دين)، وقال تعالى في سورة الزلزلة: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (٧) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (٨).
اتقوا الله في أنفسكم ودينكم والمسلمين.
[email protected]