كثيرة هي تلك الأمور التي تثبت في صدور البعض فيضعفون أمامها، تهشم قلوبهم وتترك آثارها على أرواحهم، فتشكلهم أحيانا وتؤثر على شخصيتهم، ما يجعل منهم أشخاصا وفقا لقواعد وأفكار معينة.
فتجد الأفكار بقوانينها وأصولها تهاجمهم بين الحين والآخر، والتي تعتمد على حسب اختلاف نشأتهم وبيئتهم وأسلوب معيشتهم، فعلى سبيل المثال قد تجد من عانى نوعا ما من الحرمان في طفولته، وقد تجد من شهد أحداثا مؤلمة شتتته وجعلته يواجه صعوبة في مبارحتها، وهناك من دخل في دوامة صدمة كبيرة أبدا لم يتوقعها، ما جعلته يعوم دون إدراك في طحن ذاته، وهناك من وجد صعوبة شديدة في التعايش مع موت شخص عزيز على قلبه، وهناك من ترعرع بين أناس يمتلكون سلوكيات مدمرة للذات، زائد مبادئ ومعتقدات بأنماط معقدة كسرته وزعزعت ثقته، وغيرهم الكثير والكثير.. إلخ.
فهي فترات ومراحل متعددة! قد يكون منها الإيجابي والآخر سلبي، ولكن في كلتا الحالتين يحملون في طياتهم تجارب شخصية ذات تحديات مختلفة، كاختلاف شخصياتنا تماما، لذا دائما ما يقال: لا تحكموا على الناس من خلال ظاهرهم فقط، فأنتم لا تعلمون ما هي ظروفهم وأحوالهم، ولا ما بداخلهم، وماذا يكتمون!
يقول الشاعر:
هي الدنيا تقول لمن عليها
حذار حذار من بطشي وفتكي
فلا يغركم حسن ابتسامي
فقولي مضحك والفعل مبكي
كما قال أيضا ابن لنكك:
وماذا أرجي من حياة تكدرت
ولو قد صفت كانت كأحلام نائم
وما بين الوعي والإدراك يجب ان تعلم انت أن كل شخص في هذه الدنيا يخوض معركة خاصة تتعلق به، تجهلها ولا تعرف شيئا عنها.
نعم، جميعنا يختلف من شخص لآخر، نعم تختلف حتى تلك المنغصات التي قد اعترضت طريق كل منا، وما إلى ذلك من أسباب، لذلك فنحن مسؤولون ومحاسبون على أفكارنا التي نطلقها دون تأن على غيرنا، فنزعجهم ونؤذي مشاعرهم، مثلما ننزعج نحن من أفكار الناس تجاهنا وهم لا يعلمون ما تفيض به مكنوناتنا، وبكلمات للأسف قد يتألمون عند سماعها، فبذلك نحن نسيء لهم وسنؤثر على توازن نفسياتهم اكثر.
في الوقت الذي يكونون هم فيه بأمس الحاجة للاحتواء والفهم، لا للتوبيخ واللوم، لا للجدال الذي لا يحوي سوى الانتقاد والهيمنة.
فلابد أنهم يمتلكون طرقهم الخاصة والفردية في التعامل والتكيف مع مواقفهم وأوضاعهم التي واجهتهم، ولكنهم يحتاجون لبعض الوقت، الذي قد يمكنهم اتباع استراتيجيات جديدة قد تساعدهم على تنقيح أفكارهم التي تجول في خواطرهم، ذلك ولأنهم في صدد التغيير.
كما لا تستغرب ان وجدتهم يتأرجحون أحيانا ما بين التردد والخوف والشكة، وما بين فقدان الثقة والطمأنينة، فذلك التغيير بمنزلة طفرة بالنسبة لهم، كونه يشمل تفاصيل حياتهم.
فلا تأت انت وترسمها لهم وفقا لرغباتك ومزاجك بالفرض والإجبار!