حقيقة، كنت أنتوي أن تكون أولى مقالاتي التي تنشر في العزيزة على قلبي صحيفة «الأنباء» مختلفة تماما عن هذه المقالة، كنت أرتب لأن أعبر فيها عن الاعتزاز بهذه القامة والصرح الإعلامي العريق، الذي أثرى ومازال يثري العمل الإعلامي في الكويت منذ عقود، وأيضا كنوع من التعبير عن الفخر بانضمامي إلى نخبة متميزة من الكتاب الذين يقدمون أطروحات وآراء مختلفة وفريدة في مختلف المجالات، ولكن للضرورة أحكام!، لأنه لا صوت يعلو فوق صوت «كورونا»، وبالتالي وجدت أنه يجب أن أتحدث عن هذا الموضوع حتى لا أغرد خارج السرب.
في هذا المقال سأغرد داخل السرب ولكنه سرب مختلف، سأحكي عن تجربتي كوني ضمن العائدين في خطة الإجلاء الكبير، تلك الخطة التي جعلت سرب الكويت يحلق في سماوات العالم في وقت عجزت فيه كل الأسراب عن التحليق، حدث يدعونا للفخر بهذا الإنجاز الكبير الذي يحسب للكويت، ولحضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والحكومة الرشيدة.
دون مدح أو تجميل، وبكل صدق، أعجز عن الشكر ويعجز لساني عن وصف مدى تعاون السفارة الكويتية في الخارج والعاملين فيها جميعا ومساعدتهم المستمرة وطيب خلقهم وسعة صدورهم خلال تواجدنا في الخارج.
لقد وجدنا تعاملا راقيا ومثاليا من سفارتنا في الخارج، قبل وبعد خطة الإجلاء، هذا ما لمسته من طريقة تعامل منذ أن غادرت الطائرة وحتى وصلت إلى الكويت، أما الذي يثلج الصدر فهو لحظة وصولنا مطار دولتنا الحبيبة الكويت، مجهود جبار من الكل، رجال الشرطة والأمن، وزارة الصحة وكوادرها، المتطوعين، والعاملين في الخطوط الجوية الكويتية والطيران المدني، وجميع القائمين على الإجلاء، خلية نحل تعمل بإتقان ومهارة وهدوء وانضباط انفعالي، كل شيء كان يسير كما الساعة، ووفق تنسيق وكياسة ولباقة ومرونة عالية وإيجابية.
ولم يختلف الحال أيضا خلال فترة الحجر المؤسسي، نفس الآلية والروح العالية والتضحية، فما لمسته حقا يدعو إلى الفخر، إجراءات وقائية واحترازية على أعلى مستوى تطبقها الكويت، على عكس دول أخرى كنا نراها «مثالا يحتذى»، خطة تعامل حكيمة بقيادة صاحب السمو تدعونا جميعا لأن نثق في قدراتنا وألا نجعل المتشائمين يحبطوننا.
ختاما، أدعو الله أن يحفظ ديرتنا وشيخنا وحكومتنا وشعبنا وكل إنسان بطل يعمل في هذه الظروف الاستثنائية لخدمة الوطن، عساكم على القوة، وربي يطيب خاطركم بكل ما هو جميل ويحفظكم ويقيكم، وشكرا من القلب، لأننا فعلا أثبتنا أن وطننا الكويت «كويت الإنسانية»، أدام الله عزها وحضنها.
[email protected]