في منتصف التسعينيات كنت أدرس في نيويورك حيث الحياة غالية جدا وراتب البعثة بالكاد يصل بك لآخر الشهر، وأحيانا لا يصل، فتجلس يومين وثلاثة على الحديدة إلى أن يفرجها ربك.
في اليومين الأخيرين قبل نزول راتب البعثة والحالة على الحديدة جاءني اتصال من الكويت بأن أناسا سيأتون من الكويت وسيبيتون ليلة في نيويورك ويكملون إلى ولاية ثانية وهم أول مرة يأتون إلى أميركا وعندهم حالة طارئة. لم يكن في جيبي دولار واحد، فقط السيارة فيها نص التانكي بنزين لكن لحسن الحظ سكني لم يكن بعيدا عن مطار JFK وسيارتي الصغيرة القديمة تعودت على المشاوير بأقل استهلاك للبنزين.
ذهبت للمطار واستقبلتهم، أخذتهم لفندقهم ونزلوا حقائبهم ثم خرجت معهم للعشاء في مطعم أفغاني أعرف الناس الذين يعملون فيه بحكم ترددي عليه كثيرا. وهو مطعم لذيذ جدا يرتاده الكثير من الديبلوماسيين الخليجيين والعرب العاملين في الأمم المتحدة، وأوصي به جدا لكل من يذهب إلى نيويورك. اسمه كابل كباب ويقع في مدينة كوينز الشارع الرئيسي. بعد وجبة عشاء دسمة ولذيذة طبعا كالعادة بين الزبائن الخليجيين حدث النقاش الشديد، لا تدفع أنا أدفع، كانوا مصرين بشدة على دفع الحساب، رفضت وطلبت من النادل عدم قبول النقود منهم.
ذهبت للنادل وفهمته الوضع دون أن يحس الضيوف وأنني سأدفع له لاحقا، تفهّم الأمر دون أن أنطق بكلمة واحدة. ذهبنا إلى فندقنا وركنت سيارتي في مواقف الفندق وثاني يوم بعد وجبة الإفطار التي كانت مجانية لنزلاء الفندق فقط فلم آكل معهم وتعذرت بإحساسي بألم في المعدة.
بعد الإفطار ركبت معهم الباص الذي يخصصه الفندق لنقل الزبائن إلى المطار مجانا وبعد أن ودعتهم وتأكدت أنهم ركبوا طائرتهم أخذت الباص نفسه عائدا للفندق، حيث كانت تنتظرني مفاجأة أخرى.
عندما ذهبت لمواقف سيارات الفندق لأخذ سيارتي فوجئت بوجود محصل نقود عند المخرج يطلب مني رسوم إيقاف السيارة لليلة واحدة. وكان من الجنسية الباكستانية بعد دقائق نجحت بإقناعه بإعفائي من الرسوم بعد أن شرحت له الوضع. بعدها عدت للسكن وبنزين سيارتي بالكاد يوصلني. لكن ربك ستر ووصلت إلى السكن.
نقطة أخيرة: استضفت ضيوفا وأكرمتهم وأديت الواجب معهم وأوصلتهم لجهتهم دون أن يكون في جيبي دولار واحد... ومع هذا لم أقل عندي عجز.
ghunaimalzu3by@