الحياة حلوة وتبادل المشاعر المقننة شيء جميل، وكل منا يسعى ويبذل قصارى جهده، لكي يحب ويحب ويحقق القبول عند الآخرين، ولا غرابة في ذلك، فالإنسان بطبعه اجتماعي خلق وجبل على حب الناس والعيش بينهم والتعامل معهم، فالمثل الشائع يقول: «الجنة من غير ناس ما تنداس» وبعض الأحيان يكون ثمن هذا التعايش باهظا، حيث يكون هناك هدر في المشاعر والأوقات والصحة والمال، إلا أن الإنسان الاجتماعي يستمتع ويستلذ بذلك، لاسيما مع الأشخاص الذين يبادلونه العطاء وصدق المشاعر.
والحياة منظومة من الأخذ والعطاء ومجموعة تعاملات وعلاقات مطرزة بكم هائل من المشاعر الفياضة، والمشاعر وقود الإنسان ونبض الحياة السعيدة، لكن هذا لا يعني أن نرى الحياة من خلال عيون الآخرين، فهناك صنف من الناس يأبى إلا أن تكون مشاعرنا اتجاه معاكس وخاصة المتنمرين عاطفيا وحتى الأشخاص العاديين، وأقصد بعنوان مقالي «مشاعرنا اتجاه معاكس» الاستقلالية في المشاعر وهي قوة واستغناء ومهارة عالية تكتسب مع تقدم العمر وزيادة الوعي والاستقلال في المشاعر، يعني القدرة على التعامل مع المشاعر المختلفة باحتراف دون التأثر بالطرف الآخر أو إيذائه والاستغناء عما في يد الناس. وبعبارة أخرى اليأس مما لدى الناس، وتكتسب هذه المهارة بالعلم والمعرفة ثم الفهم والوعي والمرحلة الأخيرة هي التطبيق.
ويتم تطبيق عزل الشعور بعدة آليات وهي: أن نزاحم الشعور السلبي بالشعور الإيجابي، وأن ندخل المزاح كأسلوب في التعبير عن مرادنا والحرص وقت الغضب على إنهاء المشكلة وليس حلها وإنما الحل يكون لاحقا في وقت الاستقرار، ويكون ديدنا هو الانشغال والشراكة مع عدة أطراف وتجنب الفراغ، ومن ناحية أخرى الصبر والحوار الإيجابي وعدم الانفعال.
اعلم عزيزي القارئ أن أسباب بعض مشكلاتنا ليست اختلافنا فاختلافنا هي سنة الله في خلقه إنما بسبب ردود أفعالنا المسبقة ورفع سقف توقعاتنا وآمالنا في الآخرين.
وتأكدوا أيها الرفقاء الأفاضل أن الاستقلالية في المشاعر لا تعني الانعزال والتقوقع على أنفسنا ولا تعني اللؤم أو الطيبة حد السذاجة إنما أتأرجح بين النضج والطيبة وأن أدير مشاعري باحتراف دون أن يستغل الآخرون حقوقي أو يستنزفون مشاعري الخاصة، وأن أسد حاجات الطرف الآخر وأشعره بالاحترام والأمان، وهناك فرق ما بين سد الحاجات وتقديم الخدمات كالفرق بين الرعاية والتربية، والفن يكمن في إشباع الحاجات لدى الطرف الآخر لا يشبعها غيرك، وهكذا الاستقلالية تجعلنا أثمن لدى الآخرين.
احبب حبيبك هونا ما *** عسى أن يكون بغيضك يوما ما.
وابغض بغيضك هونا ما *** عسى أن يكون حبيبك يوما ما.
twitter:@ebtisam_aloun