أزف الرحيل واتشحت البلاد بالسواد، وانفطرت قلوب العباد، وناح الحمام على الأسطح والجدران، وانطفأت السرج في الطرقات والفرجان، فجعت القلوب وسالت الدموع على الخدود على فراق الوالد الحنون سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
فقدت الأمة بطلا من أبطالها، رجل دولة من الطراز الأول، ورمزا من رموز الإنسانية، مارس السياسة باحتراف وتصدر المحافل الدولية بجدارة، ودافع عن القضايا العربية والدولية بشرف وأمانة، كره الخداع والمكر السياسي واللعب تحت الطاولة، كان رحمه الله تعالى قدوة حسنة في لم الشمل وتوطيد العلاقات.
«هذولا عيالي».. كلمات صادقة نابعة من القلب نطقها ورددها والد الجميع «صباح الخير» رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
بأفعاله الخيرة وسيرته الطيبة دخل التاريخ من أوسع أبوابه، فترك بصمة مشرفة تتناقلها الأجيال عبر السنين والأيام.
وبفضل الله عز وجل ثم بحكمته وقيادته الرشيدة ورؤيته الثاقبة استطاع أمير الإنسانية أن يقود سفينة الكويت إلى بر الأمان، متخطيا الصعاب ومتجاوزا كل الأزمات، وبفضل الله تمكن الشيخ صباح الأحمد أن يقفز بالكويت قفزات تنموية، ويحقق إنجازات مضيئة يتحدث عنها القاصي والداني.
وبكل فخر نال والدنا الراحل لقب أمير الإنسانية، ناله عن استحقاق وجدارة، وطرزه بأفعال الرجال ومروءة الأبطال، ذاع صيته وحبه للخير في كل أرجاء المعمورة، وترك أثرا طيبا في كل مجلس ولقاء، كان رحمه الله تعالى سباقا في إصلاح ذات البين بين الدول الشقيقة والصديقة، لم يتوان لحظة في جبر الخواطر والقلوب المكسورة، العالم بأسره شاهد على مساعيه الحثيثة في رأب الصدع وحل الخلافات والتوسط بين الأطراف المعنية لتسوية النزاعات، كان همه الأكبر وحدة الصف الكويتي والعربي والإسلامي.
وبفضل الله عز وجل ثم بفضل حكمة أمير الديبلوماسية، رحمه الله تعالى، استطاع أن يوطد العلاقات الكويتية الخارجية على المستويين العربي والعالمي، ليصبح للكويت ثقل سياسي ورأي يحتذى، صفحات التاريخ تشهد أن الكويت سباقة في نبذ الخلافات ونشر السلام ومحاربة الإرهاب في العالم.
أما في الجانب الخيري والإنساني، فيكفينا فخرا أن «بابا صباح» رحمه الله تعالى قائد للإنسانية، والأيادي الكويتية البيضاء طالت أصقاع العالم، وقوافل الخير والعطاء الكويتية ولجت كل باب وحطت رحالها في كل البقاع بمباركة سامية من الأمير الراحل، وحب الخير لم نتعلمه في المدارس بل رضعناه مع حليب أمهاتنا وتوارثناه عن الآباء والأجداد.
عجزت النساء أن تلد مثل الشيخ صباح الأحمد، عملة نادرة وبصمة مشرفة على جبين التاريخ. يوم الثلاثاء الحزين ترجل فارس الإنسانية عن صهوة الحياة، تاركا خلفه إرثا كبيرا من البذل والحب والعطاء.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإن الشعب الكويتي لفراقك يا شيخنا صباح الأحمد لمحزنون.
اللهم ارحمه بواسع رحمتك وأسكنه فسيح جناتك، وثبته عند السؤال، واجعل قبره روضة من رياض الجنة.
واجمعنا معه ووالدينا بالفردوس الأعلى.
ebtisam _aloun@