الأمطار رحمة وبركة من الله عز وجل، يحيي بها الله الأرض ويسقي بها الزرع، ويسمن بها الضرع، والماء طهور يطهر به الله عز وجل الأبدان والقلوب، وزخاته تغسل الأرض بل حتى قطراته تعتبر بلسما شافيا من بعد الله يداوي الجراح ويسكن الآلام.
الجميع يرفع أكف الضراعة يطلب الغيث من الله ويسأله أن تكون أمطار خير على البلاد والعباد، وخاصة ان المطر جند من جنود الرحمن وهو يأتمر بأمر الله فإما أن تكون أمطار خير ورحمة وإما أن تكون نقمة وعذابا، والمطر آية من آيات الله الكبرى الدالة على قوته وعظمته وجبروته الجازمة بضعف العباد وعجزهم وافتقارهم إلى خالقهم.
فقد تعرضت البلاد في الأيام الماضية إلى موجة أمطار غزيرة، أغرقت الشوارع وسدت الطرقات وتعرقلت حركة السير وأتلفت الممتلكات وتضررت البيوت والمرافق من جراء السيول، وللأسف البعض كان يردد انها كارثة بسبب سوء الأحوال الجوية، وباتت الأحوال الجوية هي المتهمة الأولى وهذا سوء أدب مع الله عز وجل، والأجدر بنا أن نقول سوء استعدادنا وتقاعسنا في بذل الأسباب.
وقبل أيام مرت بالبلاد ديمة كشفت الدفاتر القديمة وهتكت الستور وكانت خير شاهد على أن الفساد قد نخر في مفاصل الدولة، حتى طال أرواح الناس وممتلكاتها، فكلنا تجرعنا من كأس الفساد وأصابتنا سهامه وتلوثه بات يلوث صدورنا كل يوم لا محال، آثاره ومشاهده ملحوظة، خذ على سبيل المثال لا الحصر تطاير الحصى والشوارع المهدمة وكأننا نعيش في إحدى الدول الفقيرة النائية.
لن أتحدث عن الفساد فقد كتبنا عنه حتى جفت محابرنا، وتكلمنا عنه حتى بحت حناجرنا، وبعد هذا وذاك لا حياة لمن تنادي.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل أعددت أيها المقاول المرتشي وأنت أيها التاجر الراشي وذاك المسؤول الذي مرر المناقصة من تحت الطاولة وأنت يا سعادة النائب يا من تناسيت دورك الرقابي وانشغلت بمصالحك والكرسي الأخضر وكأنه من إرث أجدادك ماذا أعددتم يا سادة يا كرام للوقوف بين يدي ملك الملوك الواحد القهار؟ تذكر أيها المسؤول أن المناصب تكليف وليست تشريفا.
قلتها مرارا وتكرارا وأقولها اليوم لا تمتحنوا صبر الشعب الكويتي الوفي، فالشعب لا يريد سوى محاسبة المقصرين والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه العبث بمصالح ومقدرات الشعب الكويتي، والحرص على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وكفاكم من انتهاج سياسة المجاملات ومدارة الخواطر وسياسة «ما نقدر هذا ولدنا»، وكذلك الاستعجال في إنشاء جهاز لإدارة الكوارث والأزمات ذي مواصفات عالمية.
زبدة المقال.. ليس المطلوب إقالة زيد وعبيد إنما محاسبة من أغرق البلد في مستنقع الفساد فالوطن يستحق القوي الأمين.
٭ باقة ورد وشكر وعرفان لكل من ساهم من بعد الله في الحفاظ على الأرواح والممتلكات وأبلى بلاء حسنا في ذلك.
@ e@ ebtisam_alounbtisam_aloun