أثارني بدهشة كبيرة في قطاع السياحة ظاهرة الغياب الكامل أو العزوف الذي يصل إلى حد الهجر، وهي نسبة الكويتيين في قطاع السياحة التي تعتبر الأدنى على مستوى العالم في تواجد أبناء الوطن في هذه الصناعة المهمة التي تمثل دخول بعض الدول كإيطاليا مداخيل دول الخليج مجتمعة من النفط.
بداية يجب ألا نحبط أنفسنا ونقول ان الكويت بحرارتها وجوها القاسي لا تصلح للسياحة، إذا ما علمنا ان السياحة متعددة الأوجه فهناك سياحة طبية علاجية وثقافية، وتعليمية، وتسويقية، واقتصادية، واجتماعية، وسياحة المناسبات، وسياحة مؤتمرات ومعارض، الى آخر التخصصات، فلماذا لا يتبنى المسؤولون أي قطاع وتتميز فيه الكويت بحيث تصبح واجهة معروفة في مجال محدد؟
الأهم من ذلك كله، هو ان تقوم تلك الرؤية على سواعد أبناء هذا الوطن بالدرجة الأولى، فلا يعقل ان يكون قطاع شاسع كالسياحة لا يعمل فيه سوى 2% من المواطنين رغم انه من أرقى القطاعات عملا وأعلاها دخلا ونموا ولايزال أمامه الكثير من التطور ولنا في مشاريع دبي العملاقة خير دليل على ان هذا القطاع نام اقتصاديا، وتملك الكويت كل المقومات التي تجعلها احدى المحطات الهامة في المنطقة إذا ما تخصصت في أي قطاع، فالعقول المحلية والتخطيطية ورؤية رجال الأعمال ووفرة السيولة مرتكزات نجاح، إذا ما تم استغلالها والتوجه نحو هذا القطاع البكر، وعندما نتحدث عن سياحة لا نعني بناء فندق أو شقق فندقية فالأمر أبعد وأعمق بكثير.
إن صناعة السياحة كنشاط اقتصادي متزايد وبصفة خاصة فيما يتعلق بالاستخدام أو بالعمالة المطلوبة أصبحت محل اهتمام الكثير من شركات الطيران وشركات السياحة والفنادق العاملة في الكويت ونجد ان سوق العمل في كل ما يخص قطاع السياحة يعاني نقصا شديدا في العمالة الوطنية، حيث ان نسبة العاملين الكويتيين في هذه الصناعة لا تتعدى 2% من الإجمالي العام لعدد العاملين بها وهذا يستحق إعادة النظر وفتح معاهد تدريب وتأهيل.
إن قطاع السياحة يستحق الاهتمام، حيث ان صناعة السياحة تعتبر من الصناعات المركبة والتي تشمل العديد من الصناعات الأخرى مثل الفندقة وشركات الطيران ووكالات السياحة وشركات الإعلان والعلاقات العامة وغيرها.
وتعتمد جميعها على العنصر البشري بصفة رئيسية بالإضافة الى ارتباطها بالعديد من القطاعات الإنتاجية الأخرى التي تحتاج مع زيادة الحركة السياحية الى زيادة العمالة الوطنية.
لذا وجب على الدولة والجهات الحكومية المسؤولة إعداد وتأهيل الكوادر السياحية من أبناء الوطن وفقا لبرامج وخطط مستقبلية على أسس علمية واضحة المعالم ليكونوا النواة الحقيقية لانطلاق صناعة السياحة في دولة الكويت، وتكون تلك الكوادر من مختلف التخصصات ودرجات المهارات والخبرات المتفاوتة.
حيث اننا في طور التقدم بهذه الصناعة وأن عصب أي صناعة ونجاحها يعتمد بالدرجة الأولى على العامل البشري المؤهل، وصناعة السياحة من الصناعات كثيفة العمالة فهي تحتاج عمالة متخصصة وغير متخصصة في مفاصل أخرى.
أيضا لا بد ان يكون للقطاع الخاص دور مساند للدولة والحكومة في دعم حركة العمالة الوطنية في القطاع السياحي، حيث يعتبر الاستثمار في القطاع السياحي أحد المقومات الرئيسية التي تساهم في تقدم الدولة وتفوقها اقتصاديا، وظهر ذلك بوضوح خلال السنوات القليلة الماضية مع التوسع في انتشار المعالم السياحية وروعة التصميم المعماري في المجمعات التجارية الجديدة.
ناهيك عن سلسلة الفنادق والمطاعم السياحية الفريدة، فلا بد لهذا القطاع ان يقوم بدوره الوطني في استيعاب العمالة الوطنية وأن يحذو حذو قطاع المصارف، فقضية تشغيل العمالة الكويتية في القطاع السياحي تحتاج من الجميع التكاتف لنجني ثمارها وتعود على الدولة والفرد بمردود إيجابي.
[email protected]
@kkabsha