كمراقب دائم ومنذ مدة ليست بالقصيرة لاحداث هذا العالم لا ارى اي ايجابية لنشر الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس حيث لم تأت بجديد او بمعلومات خفية طازجة لا تعرفها الدول بعضها عن البعض، ولم تقدم شيئا نادرا لا يعرفه المراقبون عن آراء كثير من سياسيي ومسؤولي هذا العالم، فوسط هذه الثورة الهائلة للاتصالات والتكنولوجيا لم تعد هناك معلومات غائبة كثيرة في العالم كما كان في الماضي البعيد او القريب، عندما كان الخبر يصطاد اصطيادا، وعندما كانت المعلومة شحيحة وشبه غائبة ويصعب التخمين بشأنها.
وكمحلل جيد للاحداث لا اتوقع من اي دولة القيام بحملات اعلامية ضخمة او بمبادرات عليها القيمة للتقليل من قيمة ما خصها من وثائق ويكيليكس، وكل ما سنراه هو تصريحات ستعتبر ماجاء في الوثائق هو قيل وقال، او تصريحات تنفي او تطعن بصدقية ما نشر او ستعتبره نقلا غير دقيق او تحريفا لما دار باللقاءات والاحاديث الثنائية!
اما المتوقع بعد هذا النشر فهو ان الحرص سيكون اكثر عند توثيق اللقاءات والمحادثات الرسمية، والتفكير مليا وطويلا قبل الادلاء بأي رأي اثناءها وبالذات عندما يكون هذا الرأي «عكس» ما يصرح به في العلن، بل وحتى الجُمل والكلمات التي تقال على سبيل المجاملة او الدعابة ستكون كلمات وجملا مقننة ومفلترة للغاية حتى لا تتسبب بحرج ولو بسيط لمن ينطق بها خصوصا عند التطرق والحديث عن الشؤون والقضايا الدولية المعقدة او الاقليمية الحساسة!
اما الســـؤال المهـــــم جدا فهو عن «قدرة واستطاعة» مدون استرالي الجنسية كان مجهولا للعالم حتى وقت قريب، ومتهم بالاغتصاب بالسويد، ويتحرك متخفيا من بلد لبلد آخر ـ بالقيام لوحده ـ بشغل العالم وافتعال كل هذه الضجة.
وبغض النظر عن اي اجوبة عادية على هذا السؤال، اقول إن الذكي فقط سيحلل بفهم كبير وبعمق وسيتوصل بالتأكيد للجواب غير العادي، وسيتوصل ايضا الى ان تلك الوثائق الكثيرة جدا لم تسرب وتنشر بهذه الطريقة الا لهدف واحد، هو تذكير كل العالم بأن هناك قوى واحدة وحيدة في هذا العالم هي من تمتلك فقط القدرة على تغيير او تحريك او توجيه او اشغال العالم، وهو هدف مشروع لهذه القوى القادرة لكي لا يفلت زمام الامور ولا يتشاطر كثيرون دون معنى في العالم، والشاطر فقط هو من يتذكر ويفهم ويستوعب.
[email protected]