مخلد الشمري
اغلبنا كان يظن وبسذاجة اننا كمجتمع كويتي قد تجاوزنا مرحلة تأسيس وتحقيق الذات، وان كل ما سنمر به من احداث مجرد اختبارات ضرورية لتأكيد هذا التحقيق والتأسيس، ولكن في كل مرة نكتشف وبمرارة أننا نراوح بمكاننا لا بل نتقهقر، او ندور في حلقه مفرغة ومفزعة لم نفهم بها معنى وواجبات المواطنة وان الشيء الوحيد الذي فهمناه بها واتقناه اتقانا ما بعده اتقان هو الاخذ والاخذ والاخذ وطلب المزيد من الاخذ دون حتى شكر او عرفان.
لقد حدثت تغيرات مرعبة في نفسياتنا جعلت كثيرا منا يتجرأ طويلا دون حق ودون حياء على وطن لم يؤذ ولم يهمل ولم يظلم ولم ينس ايا من ابنائه، لهذا فإن العقل الكويتي اليوم اما غير واقعي واما لا يتقبل التغيّر للافضل او ان هؤلاء الذين لا يريدون لنا او لوطننا الافضل قد سيطروا على عقولنا وعلى تفكيرنا وقراراتنا وخياراتنا بحيث اصبحنا نتبعهم وللاسف بارادتنا حتى للمجهول.
يجب ان نعترف جميعا نعم جميعا باقترافنا اخطاء وخطايا وذنوبا وكبائر تجاه هذا الوطن المعطاء، ويجب ان نراجع انفسنا ونفسياتنا ونجرد معهما حسابا لو جرده اليوم هذا الوطن مع مواطنيه لخرجنا جميعا خجولين ومطأطئي الرؤوس والانفس ونادمين اشد الندم، ولكن من يترك هذه المكابرة المزيفة والخادعة التي اهلكتنا واهلكت الوطن معنا، ويتشجع ويقدم ويراجع نفسه ويعترف وبالتالي يخجل ويندم فقط دون ان يطأطئ الرأس!
بفهمنا وتحليلنا البسيط لاحداث البلد هذه الايام نقول وبكل اختصار وتجرد ان الازمة ليست ازمة نظام ولا ازمة دولة ولا ازمة دستور ولا ازمة ديموقراطية، فالديموقراطية حلوة يوما ومرّة يوما آخر، ان الازمة هي ازمة مجتمع امتهن الانقسام ورفض التجانس والانصهار.
فالكل يتغنى بالوطن والكل يتحدى الكل بهذا التغني، ولكن ما ان نصل للحظة الحاسمة التي يختبر بها الجميع ـ عمليا ـ لترجمة هذا التغني اللفظي بحب الوطن ما يلبث الجميع بالاختباء وراء القبيلة او الطائفة او الجماعة او الفئة او المصالح وتجاهل مصلحة الوطن.