تلك هي أرض الكنانة وقمة الصابرين لمن يعرفها تاريخا وجغرافيا، نخوة وعزوة، دينا ودنيا، علما وتعليما، فنا وثقافة، تراثا وخبرات، عقولا وطاقات، ويعجز الفهرس والأرشيف عن تغطية ذلك التصنيف، إنها أرض الكنانة بمعنى اسمها (أمصار: أي راحة بلاد واستقرار) رغم محاولات من يشغلها بالمؤامرات والتحرشات للحروب والتجويع والتعطيش والحقد والحسد وكل ما يدور حولها من تبعثر للإمكانات والطاقات فهي أم وأخت ورفيقة درب وقذيفة حرب لكل المتآمرين عليها بملكياتها قبل آلاف السنين ولما بعدها، وجمهورياتها للحالي من السنين.
إنها مصر السد المنيع، والحصن الرفيع، والصيت اللامع لكل معتدٍ أو طامع بأنها تحتوي وتحتضن وتواسي كل من قصدها بخير أو باغي شر تتهاوى أركانه لمجرد بلوغ ساحتها فهي الانتصار لمن لا نصير له، وهي الوقار لمن لا تقدير له، وهي الحاضر المنيع، والماضي المقبول لكل متابع لما يجول بخواطر الصاحي والمعلول! تابعوا وتأكدوا، وابحثوا وفندوا كل ذلك لمن يريد ان يشرح الله للعدل صدره، وييسر للخير والإنجاز أمره، ويفرج عن كل ضيق فكره، رغم بساطتها تجد الجواب رائعة، ورغم التشتت ترى الكمال غايته، ورغم نكران الذات لكثير من الأوقات فهي البلسم لكل داء، وهي للعليل خير دواء لمن يخشى غربته.
لا مجال لتحقير هذا المقال فالواقع تجده بارزا أمامك برمالها، وعبر كل شارع حديث اليوم فيها بالتجمع الخامس والرحاب، والتجمع السادس ومنشآت العاشر والقاهرة الجديدة، والعاصمة الإدارية، وكل جديد بعد ثورة التجديد بسواعد وعقول وطاقات جباه وأذرع أبنائها وأشقاء مخلصين لإزاحة العثرات عن غطاء أرضها ومائها، وصفاء سمائها ونخيل وأرياف، وسهول وتلال واديها، وصحاريها، يا مصر الصابرين كما ورد بقرآننا العظيم والكتب السماوية المقدسة للمعاني البارزة من وما هي مصر الدنيا والعالم الواسع الرحب حولها وشقيقاتها ما بين قارتي آسيا وأفريقيا؟!