كانت جثته مشوهة تماما وكان النظر اليه يحتاج الى قلب شديد القسوة، ذلكم هو الطفل السوري الشهيد «حمزة الخطيب» ذو الثلاثة عشر ربيعا والذي قتلته القوات السورية بعد تعذيب هائل، كل ذلك لان ذلك الطفل شارك في تظاهرة مع بعض اهالي درعا، فكان ذلك العمل الوحشي هو نصيبه!
الطفل حمزة ليس هو الطفل الوحيد الذي قتلته الحكومة السورية، فهناك آخرون سبقوه واجزم بان هناك آخرين سيلحقون به ما دام الدم السوري لا قيمة له عند حكامه.. بطبيعة الحال لا اريد التذكير بالقتلى الآخرين من الرجال والنساء، فالحكومة السورية انتهجت الطريقة القذافية في القتل والتدمير ومحاصرة وتجويع شعبها بكل الوسائل، والواضح ان نهاية حكام الدولة لن تختلف كثيرا عن نهاية القذافي ومن معه من المجرمين.. تعاطي الإعلام السوري مع الاحداث هو الآخر معضلة تستعصي على الفهم السليم! افهم ان المذيع يقرأ ما يكتب له سواء اقتنع به او لم يقتنع فهذه وظيفته وكل الناس يعرفون ذلك، لكنني لا استطيع ان افهم كيف ان استاذا في جامعة او من يصف نفسه بـ «المحلل السياسي» او حتى بعض الموظفين الرسميين يتحدثون عن احداث بلدهم بصورة يستحيل تصديقها! كيف يستسيغون الكذب الواضح ولا يرف لهم جفن؟! الا يدرك هؤلاء انهم يسيئون لبلدهم ولانفسهم؟! افهم ان بعضهم يخاف من قولة كلمة الحق، فالدولة لا تتأخر مطلقا في سجن كل من يتحدث صادقا او شبه صادق، لكن لا اظن ان هناك من يجبرهم على الحديث المتهافت الذي نسمعه منهم، وقد يصاب بعضنا بالغثيان وهو يسمعه.
الطفل حمزة ـ كما يقولون ـ لم تقتله قوات الدولة.. والطبيب الذي استضافه اعلام النظام اكد انه رآه من دون اي تشويه! حسنا من قتله؟! ثم من الذي يمكن ان يشوهه؟! ولماذا لم يتسلم اهله جسده الا بعد ايام؟! اين كان كل تلك المدة؟! اسئلة كثيرة لم يفكر فيها ذلك الذي اراد تبرئة اجهزة القمع من ارتكاب تلك الجريمة البشعة!
النظام السوري ومنذ بداية الثورة حتى الآن لا يريد الاعتراف بأن هناك ثورة شعبية تطالب بالاصلاحات، وهناك ثورة تطالب بإسقاط النظام، ولانه لا يريد الاعتراف فإنه ـ ومنذ بداية الثورة ـ يبحث عن سبب هنا وآخر هناك لعله يبرئ نفسه من كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب.
الدولة اتهمت الاخوان المسلمين ـ اولا ـ ثم رأت ان تحيل هذه التهمة الى السلفيين، وعندما وجدت ان هذه التهمة لن تصمد طويلا رأت ان تجعلها لمجموعات مندسة، وشجعت اعلامييها على تبني هذا الموقف المضحك!
أعجب من هؤلاء الاعلاميين كيف يتوقعون ان يصدق الآخرون ان هذه الجماعات «المندسة» لا تظهر الا اثناء الاحتجاجات ضد الدولة؟! وكيف ان هذه الجماعات تنتشر بسرعة مذهلة في كل المحافظات والقرى وتطهر مع الثوار ثم تختفي اذا اختفى هؤلاء الثوار؟! ثم لماذا لم يخرج اي «مندس» مع المظاهرات المؤيدة للدولة؟!
السوريون يقولون: إن أمنهم يصعب اختراقه، فكيف تسنى لكل اولئك المندسين ان يدخلوا سورية مع اسلحتهم؟!
وأعجب ـ ايضا ـ من التشويق الاعلامي الذي يبشر به بعض «الدكاترة» من ان التلفزيون السوري سيعرض صور بعض المندسين مع اعترافاتهم، حسنا هم عرضوا بعض اولئك، لكنهم يعرفون ان احدا لن يصدقهم لان الكل يدرك الطريقة التي يجعلون اولئك «الأسرى» يتحدثون بها.
مشكلة النظام السوري وبعض معاونيه انهم مازالوا يعيشون بعقلية ما قبل اربعة عقود سابقة، ولو انهم كانوا اكثر ادراكا لفعلوا شيئا مختلفا يحفظ لهم مكانتهم ويحفظ للسوريين حريتهم وكرامتهم.
قتل الاطفال لا يمكن تبريره، وايضا قتل المواطنين الذين يطالبون بحريتهم.. بأي ذنب يقتل كل هؤلاء؟! هل نجد عند قاتليهم اجابة مقنعة؟!
[email protected]