محمد الخالدي
إذا كان عدد سكان الكويت بحسب آخر إحصاءات الحكومة وصل إلى مليون نسمة، وكان عدد الناخبين بحسب بيان وزارة الداخلية لانتخابات برلمان 2008 بلغ 362 ألف ناخب وناخبة، فهذا يعني أن هناك 638 ألف مواطن لا يملكون حق التصويت، أي أن نسبة الناخبين هي 36% فقط من مجموع الشعب الكويتي.
فإذا استبعدنا منهم الثلث تقريبا وهم فئة الأطفال سيتبقى 400 ألف كويتي محرومين من حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم في مجلس الأمة، وهم بالتأكيد من العسكريين والشباب من سن 18 إلى أقل من 21 سنة.
ولا ندري سبب حرمان كل هذا العدد من المواطنين من ممارسة حقهم المشروع في اختيار ممثليهم في البرلمان، وأي مبرر ذاك الذي تتخذه الحكومة لحرمان أبناء الكويت من العسكريين والشباب من سن 18 سنة والموظفين الذين يعملون خارج البلاد سواء في السلك الديبلوماسي أو غيره من الأعمال من حقوقهم؟!
وإذا أضفنا إلى هذا العدد الكبير من «المحرومين» من حقوقهم الدستورية في اختيار ممثليهم ما يقارب الـ 80 ألف كويتي موجودين الآن خارج الكويت لأسباب مختلفة، فهذا يضع العديد من علامات الاستفهام على الديموقراطية الكويتية مع الأسف الشديد.
لقد بات واضحا للجميع التراجع الكبير في مستوى الحريات العامة في الكويت بسبب ممارسات وزارة الداخلية في الآونة الأخيرة والتي تسعى إلى تحويل الكويت من دولة ديموقراطية إلى دولة بوليسية، يحاسب فيها الناس على آرائهم بل ومعتقداتهم أيضا.
ولا نفهم كيف تعتبر الحكومة مثل هذه الممارسات التي تريد تقويض هذا الإرث الحضاري الكبير وتلك الانجازات العظيمة التي بناها الآباء والأجداد في طريق الحرية والديموقراطية بأنها إجراءات إصلاحية، وكيف تعتبر الحكومة نفسها إصلاحية مع هذا التراجع في كل شيء حتى الحريات العامة والمكتسبات الديمقراطية؟!
كل ما نتمناه أن تعيد الحكومة حساباتها، وتتأمل قليلا في مستوى الانحدار الذي أصبحت الكويت تسير فيه، وأن تعمل بصدق على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه على أقل تقدير، فقد كنا نأمل من هذه الحكومة المزيد من الخير والانجازات، ولكننا بتنا لا نحلم إلا بالعودة إلى ما كنا عليه قبل بضعة أعوام! فإذا كان تصويت العسكريين والشباب يحتاج تعديلا دستوريا، وهو أمر مستبعد حاليا، فلا أقل من إجراء تعديل قانوني في مجلس الوزراء لإعطاء الكويتيين في الخارج حقهم الدستوري لاختيار ممثليهم من خلال سفاراتنا الموجودة بالخارج.
ما الذي يتطلبه تنفيذ عملية التصويت في سفارتنا في الخارج، وهل يحتاج الأمر إلى اختراع عالمي جديد لتنفيذ هذا الأمر؟ كل الدول الديموقراطية توفر صناديق اقتراع في سفارتها لرعاياها المتواجدين في الخارج، فما الجديد الذي يمكن أن نضيفه ولماذا لا يستفاد من تجارب الآخرين لتحسين ديموقراطيتنا بدلا من هذه الممارسات الدخيلة على المجتمع، والتي نخشى أن تصل فيها الأمور إلى الاستفادة من تجارب بعض الدول البوليسية لتكميم الأفواه وتعذيب الأجساد؟!