تتعاظم أهمية التعليم ودوره في حياة الأفراد والشعوب باعتباره المدخل الحقيقي لإحداث أي تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، فالتعليم أصبح استثمارا له مردوده الاقتصادي والاجتماعي.
وقد شكلت الانفجارات المعرفية والمعلوماتية تحديات مباشرة للتعليم والقائمين عليها، من حيث توفير التعليم للجميع، ومن حيث استجابته لهذه المتغيرات، مما يتطلب تمويلا ضخما لتطوير العملية التعليمية برمتها من حيث الأبنية التعليمية، والمناهج، والمعلمين، والقيادات، والمعامل، والوسائل.. إلخ.
وتلبية لهذه الاحتياجات، واستشعارا لضرورة مواجهتها فقد تنادى كثير من أصحاب الرأي والمسؤولين إلى دعم العملية التعليمية بكل الوسائل والسبل. وقد اهتدى أولئك إلى صيغة الوقف الإسلامي، باعتباره الصيغة التاريخية التي ابتكرها المسلمون للتقرب إلى الله من خلال المشاركة في بناء مجتمعاتهم وإعمار الأرض.
وقد استجاب أهل الكويت لهذا التوجه، حيث شكلت «اللجنة الوطنية لدعم التعليم» بموجب القرار الوزاري رقم «30/95» في سنة 1995م، وضمت جمعيتها العمومية أكثر من ثلاثين شخصية من رجالات الكويت ووجهائها. وتضمن الغرض الأساسي من إشهار هذه اللجنة دعم التعليم بجميع مراحله ونظمه للارتقاء به لمواكبة العصر بتطوراته وتطلعاته العلمية والمعرفية لجعل المؤسسة التعليمية بيئة جاذبة تحقق رسالتها العلمية والاجتماعية منهجا وطلابا ومعلمين.
وقد أثمرت جهود هذه الجمعية عن دعم أكثر من 38 مشروعا تعليميا، تنوعت بين تجهيزات مدرسية وإلكترونية، ومختبرات علمية وفنية ولغوية، ومسابقات وفعاليات ثقافية وتعليمية، كما دعمت اللجنة وزارة التربية والمركز الوطني لتطوير التعليم في احتياجات متنوعة منها ترميم لبعض المدارس ودعم لمبادرات توعوية ومعرفية على المستوى الوطني. ولم تقتصر جهود هذه اللجنة على تلك المبادرات بل تعدت جهودها كل التطلعات لتشمل تجهيز المكتبات العامة وتزويدها باحتياجاتها المعرفية والعلمية. ودعم المتحف العلمي وغيرها من المؤسسات التعليمية الأخرى بسخاء لافت.
لقد أدارت هذه اللجنة المشروعات والمبادرات ونفذتها باقتدار متميز كسبت معه ثقة رجال الأعمال والمؤسسات الحكومية والخاصة حتى تجاوزت المبالغ المقدمة لتلك المشروعات والمبادرات أحد عشر مليون دينار. هذا وما زال في جعبة هذه اللجنة المباركة كثير من المبادرات والمشروعات، وآخرها دعمها لمشروع تطوير «نظام متابعة مؤشرات قياس الأداء لجامعة الكويت» الذي تبرع بقيمته علي ثنيان الغانم نفسه.
إن ما يميز هذه اللجنة ووقفيتها، أنها ضمت في إدارتها شخصية وطنية ذات موثوقية مجتمعية واقتصادية، وهو ما يسر عليها إيجاد الدعم المالي اللازم لتلك المشاريع بسهولة ويسر. كما ان اللجنة بهيكليتها وفلسفة عملها تمثل ريادة تربوية لنموذج المشاركة المجتمعية لدعم التعليم. حيث يؤدي مجلس إدارة هذه اللجنة دور المسوق والمشرف والميسر لهذه المشروعات والمبادرات، ويستخدم أعضاء مجلس إدارتها علاقاتهم الشخصية وأموالهم الذاتية لإيجاد الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشروعات والبرامج التطويرية.
ان هذه اللجنة تستحق التكريم لجهود القائمين عليها في دعم التعليم، وأتمنى أن يسلط الضوء على أعمال هذه اللجنة ليتعرف المواطنون على جهودها وكرم القائمين عليها، كما أناشد المؤسسات الحكومية أن تدعم هذه اللجنة وتيسر أعمالها وتلبي متطلباتها، فما تقوم به هذه اللجنة يعد مفخرة وطنية، وتعد هذه اللجنة نموذجا كويتيا مشرفا.
ومن الجدير بالذكر أن كثيرا من المشتغلين بالتعليم ليست لديهم معلومات كافية عن هذه اللجنة الفريدة في أعمالها السامية في أهدافها، مما يتطلب الدعم الإعلامي لهذه اللجنة على كل المستويات حتى تتمكن من جذب أبناء المجتمع كافة لدعمها وتطوير أدائها.
dralsharija@