تسعى الأنظمة التعليمية المختلفة إلى تحسين إنجاز الطالب وتحديث عناصر العملية التعليمية ومواكبة مستجدات العصر، وعدت الامتحانات التقليدية في الماضي ولفترة طويلة من المكونات الرئيسة لأنظمة التعليم.
حيث يمكن من خلالها تعرف إنجاز الطالب ومدى إجادته لما تعلمه، كما يمكن استخدام نتائجها تعرف فعالية التعليم، ومن ثم تحسين المناهج وتطويرها، أو دعم المعلمين.. إلخ.
ويختلف كثيرون حول مفهوم الامتحان، فالبعض يعده مجرد امتحان يجتازه المتعلمون لتحديد مستوياتهم في المواد الدراسية، ومن خلاله يتم تصنيف الطلاب وفقا لمستويات تحصيلهم الدراسي من الأعلى إلى الأقل تحصيلا، وتقسيمهم بعد ذلك إلى طلاب ناجحين وآخرين يبقون للإعادة.
ولأن العملية التعليمية لها أهداف أخرى غير مجرد النجاح في الامتحان، وأن للامتحان معنى أوسع وأشمل، لأنه يتناول كل نتائج العملية التعليمية سواء منها ما يتصل بالمعلومات والمعارف المدرسية، أو ما يتصل بغير ذلك من التغيرات التي تحدثها التربية في شخصية الطالب، فتشمل اتجاهاته العقلية، وأساليبه في التفكير وقيمه الخلقية والجمالية.. وغيرها.
لذا فقد وجهت للامتحانات التقليدية انتقادات كثيرة، بأنها تقيس قدرات الطالب في لحظة معينة، أو تقيس قدرة واحدة من قدراته، أو جانب واحد من جوانب التعلم المعرفي، وتتجاهل أنواعاً وجوانب وقدرات أخرى لدى المتعلم.
كما عدت بأنها امتحانات الفرصة الواحدة التي نحكم بها على الطالب، وأنها عملية فرز للطلاب أو رصد بهدف التسجيل ولا تسعى إلى تنمية أو علاج أو تعزيز للمتعلم، وهي تمثل محنة ومعاناة تصيب الطالب وأسرته بالتوتر.
ونظرا لتغير وظيفة المدرسة عما كانت عليه في الماضي نتيجة للتغير المطرد في شتى مجالات الحياة بخاصة التنموية والتقنية والانفجار المعلوماتي الذي لم يعد يكتفي بحفظ المعلومات واسترجاعها وإنما القدرة على البحث عنها وتوظيفها للأغراض المختلفة ضمن مسيرة الفرد للتعلم مدى الحياة، ونتيجة لهذا التغير فإن وظيفتها السابقة التي كانت تصنف الطلاب وفقا لمستويات تحصيلهم الدراسي من الأعلى إلى الأقل تحصيلا، وتقسيمهم بعد ذلك إلى طلاب ناجحين وآخرين يبقون للإعادة، لم يعد مقبولا في ظل التوجهات التربوية الحديثة التي تؤكد حق كل طالب في تحقيق معايير أكاديمية عالية.
ومن هنا يجب أن يتجاوز الامتحان من قضية الحصول على درجات وعقد المقارنات بين مستويات الطلاب فقط إلى توفير وصف غني عن مستوى التحصيل الدراسي للطالب، بمعنى آخر إذا كان الامتحان يُستخدم لدعم تحسن تعلم الطالب فنتائجه يجب أن تُستخدم لإرشاد الطالب كيف يعمل بطريقة أفضل في المرة القادمة، وهذا يتطلب نتائج قابلة للرصد تنتج بيانات كافية ومفهومة لتوجيه الطلاب، إذ يجب أن يتحول من أحداث منعزلة إلى فعاليات تحدث في مواقف تفاعلية مستمرة بحيث تكشف عن أنماط تعلم الطالب وما يواجهه من صعوبات، حتى نتمكن من تعرف مستوى الطالب ومدى تحسن كفايته.
وبما أننا في الكويت نعتمد على أداة الامتحان بشكل كبير لتقويم كفاءة الأداء للطلاب ولم نحاول أن نوظف أدوات قياس متنوعة تثري عملية التقويم، وهو ما يعد خللا وعجزا فنيا، فإن الحاجة لتطوير منظومة التقويم في الكويت ملحة حتى نخرج من نفق التعلق بالماضي تعليميا إلى آفاق مواكبة المستجدات العالمية في مجالي التربية والتعليم.
dralsharija@