ناصر الخالدي
يكاد عقلي يطير وقلبي يخرج من جسدي عندما أتأمل نعمة البصر خصوصا عندما أشاهد الكثير من الذين حرموا من هذه النعمة وهم يعيشون في ظلام مستمر وحياة ليلها لا يختلف عن نهارها وصباحها يشبه مساءها لا وجود للاختلاف ودائما أحاول أن أقدم كل ما بوسعي لكل ضرير سواء كنت أعرفه أو لا أعرفه، رجلا كان أو امرأة فقيرا أو غنيا متعلما أو جاهلا ولهذا فأنا أعتصر حزنا وألما كلما وقعت عيني على طفل من الأطفال المكفوفين أتخيله وهو في عالمه الأسود يعيش في عزلة فيما يركض الأطفال ويلعبون ويصرخون في الحدائق والأسواق والبيوت ويجلسون في حصة الرسم ويعبثون بالأقلام والألوان ويرسمون الأعلام والبيوت والطائرات والسيارات ويتخيلون، أما هذا الطفل الكفيف فلا يعرف إلا الظلام.
ويزداد تضامني يومـا بعد يوم مع كل كفيف وكفيفة لأنني سأقول لكم سرا لا يعلمه إلا الله ألا وهو أن عيني اليمنى بدأت تؤلمني أكثر من السابق ونظري لم يعد يساعدني وصرت أتمنى أن أستطيع أن أرى مثلما يرى الناس في الظلام ومن بعيد ويصير بإمكاني القراءة بلا خوف والمطالعة بكل لحظة ويفارقني هذا الألم الذي يزورني كلما وضعت رأسي على وسادتي معكرا صفو مزاجي.
هذا الألم بدأ يوم كنت في الصف الرابع الابتدائي عندما قالت لي الممرضة بكل حنان «يا بني فصل لك نظارة» ولم يقصر وقتها والدي فقد أمسك بيدي وأخذني ليفصّل لي نظارة لكنني سرعان ما كسرتها وبدأت أكابر وأكابر حتى لم تعد تنفع المكابرة ولم يعد أمامي إلا أن أتضرع إلى الله تعالى أن يرحم كل من فقد نظره وأن يرأف بحالتي ويخلصني مما أنا فيه وأحمد الله فحالتي أفضل من حالة غيري.
أخيرا عندي رسالتان الأولى أوجهها إلى كل التجار وكل من يرغب في فعل الخير فهناك أكثر من أربعين مكفوفا من فئة البدون بأمس الحاجة إلى برنامج الإبصار ووزارة الشؤون ترفض توفير هذا البرنامج إلا للكويتيين فقط علمـا أن قيمة البرنامج الواحد أكثر من 800 دينار وقد التقيت الأخ فهد الشارخ المدير التنفيذي لشركة صخر وأبدى استعداده بالتعاون لتوفير هذا البرنامج بنصف القيمة لذا نأمل من كل من يجد في قلبه مكانا للرحمة أن يتدخل لإشعال شمعة تضيء حياة هؤلاء الذين هم أولى من غيرهم بالملايين التي تذهب على الفاضي والمليان.
الرسالة الثانية إلى أطباء العيون أتمنى أن يرأفوا بحالة المساكين الذين لا يملكون درهما ولا دينارا وحالتهم تزداد سوءا يوما بعد يوم عليهم أن يفتحوا قلوبهم ويعالجوهم لأنه ليس هناك أفضل من مساعدة الآخرين خصوصا إذا كنت قادرا على ذلك فيأيها الأطباء أنقذوا عيون الآخرين وحاولوا أن تعيدوا لها البريق وأما عيني فأنا أعرف علاجها.
أحد المرشحين متحير ونفسيته «تعبانة» و«محتاس» من كثرة الأخبار والشائعات التي يسمعها، نصيحة لهذا المرشح وكل مرشح كن صادقا مع الله يصدق معك الناس.