من أنواع العنف ضد المسنين العنف الجسدي: مثل الصفع أو الدفع، العنف العاطفي: يتمثل في التهديد أو الصراخ بوجه المسنّ، أو كلمات نابيه أو بتجاهله، والاستغلال المالي: يتمثل في تزوير الشيكات، واستخدام بطاقات الائتمان، وتغيير الأسماء على الوصية أو على أي سند أي كان، دون أخذ إذن المسن، والإهمال: من خلال عدم استجابة أسرته أو أبنائه لمتطلباته الفسيولوجية وغيرها. ترك كبير المسن لوحده.
وتزداد مخاوف المسنين وآلامهم من أحتمال تعرضهم لفقدان «عزيز» ذويهم أو شعورهم بالافتقار إلى هدف في الحياة خاصة بعد مرحلة التقاعد. هناك العديد من كبار السن يتعرضون للتمييز على اساس السن وهذا له عواقب وتأثير خطير على صحتهم النفسية التي قد تقودهم إلى الإصابة بالاكتئاب. يجبرنا هذا المؤشر الخطير على التساؤل: هل أحسنا التعامل مع كبار السن (آبائنا، أمهاتنا، جيراننا من كبار السن، الشياب اللي نصلي احيانا بجانبهم، أو نصادفهم في الأماكن العامة.. إلخ) سؤال قد لا يتجرأ البعض على إجابته، بسبب التباين في التعامل مع هذه الفئة، أسئلة أوردها من محيط تجربتي في العمل التطوعي مع هذه الفئة وما تلمسته من شكواهم وآلامهم ومعاناتهم لما تعرضوا له من شتى أصناف العنف الذي يتلقونه من ذويهم وأبنائهم والمجتمع!
صحيح أن العنف ضد كبار السن هو ظاهرة عالمية تأخذ العديد من الأشكال وتقع في مختلف البيئات، والأماكن العامة ووسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني الواسع، إلا أننا نختلف عن الآخرين ونستنكر وقوع العنف ضد كبار السن عندنا! لأننا مجتمع مسلم وملتزمون بما أمرنا به خالقنا عز وجل، فقد كرم الله تعالى بني آدم، وعظم الشرع حرمة النفس واعتنى بها، وخص بالرعاية والعناية لكبار السن، فحث على احترامهم وتوقيرهم ورعايتهم والبر بهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا»، إذ تقوم رعاية كبار السن في الإسلام على أسس عدة منها أن الإنسان مخلوق مكرم ومكانته محترمة في الإسلام. وأتى بر الوالدين في المرتبة الثانية بعد الصلاة، في محبة الله. ومن واجباتنا كمسلمين دمج المسن في المجتمع، بهدف القضاء على عزلتهم أو شعورهم بها لما لعزلة المسن من آثار نفسية مدمرة على الصحة النفسية والأمراض الأخرى أو الإصابة بالاكتئاب المؤدي أحيانا كثير إلى الإصابة بالزهايمر أو «الخرف المبكر».
استطاع المجتمع المسلم أن يخفف من آثار التغيرات الاجتماعية التي يمر بها المسن، وليس هذا فحسب بل والتغيرات النفسية، لأن بينهما علاقة تأثيرية. سيصل سدس سكان العالم إلى سن 60 عاما فما فوق. وبحلول عام 2050، سيتضاعف هذا العدد من هذه الفئة الى 2.1 مليار نسمة. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة فأكثر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة حتى عام 2030، وستكون هذه الزيادة الأكبر والأسرع في العالم النامي، لابد أن يقابلها استحداث مناهج تحديد وكشف ومعالجة إساءة معاملة المسنين في سياق ثقافي والنظر فيها جنبا إلى جنب مع عوامل الخطر المحددة ثقافيا، من منظور صحي واجتماعي، والاقتداء بنهج شريعتنا السمحاء مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).