مرض الايدز رغم خطورته وآثاره الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هل يعد مرض موت تترتب عليه آثاره الشرعية والقانونية أم لا؟ فمرض الموت هو المرض الذي يغلب عليه الموت سواء كان المريض ملازما للفراش أو لم يكن، وبمعنى أدق هو المرض الذي يخاف منه الموت غالبا، أو هو ما حكم أهل الطب بأنه يكثر الموت من مثله ولو لم يغلب أو الذي يقعد صاحبه عن الدخول والخروج وفي المذهب الحنبلي ان المرض المخوف هو ما حكم به عدلان من أهل الطب ومات فيه، ولذا فان مرض الموت هو ما اجتمع فيه وصفان 1) غلبة الهلاك فيه عادة 2) ان يعقبه الموت متصلا به وإذا طبقنا هذه الشروط وغيرها من الضوابط المتعلقة بهذا المرض كخوف الهلاك واضطرابات نفسية تجعل الإنسان يعتقد دنو أجله على مرض الايدز لوجدناها تنطبق تماما على هذا الوباء الذي لم يسبق له نظير في التاريخ بل سبب ذعرا ورعبا وخوفا واثارا سيئة للغاية تدفعه للتصرف في أمواله وشؤونه تصرفا عشوائيا يؤدي إلى الحجر عليه حماية له ولورثته ولدائنيه.
فالايدز إذا أصاب شخصا فمصيره الهلاك اذ لا علاج له عند الأطباء ولا فرق بين كلمة ايدز وكلمة الموت عند من عرف خطورته في المجتمعات التي انتشر فيها وقد شبهه بعض الأطباء بالقنبلة الموقوتة التي يخشى انفجارها في أي وقت، وكثير من مرضى الايدز قد يصابون في بعض مراحل المرض ببعض الاضطرابات العصبية وأكثرها شيوعا هو الاعتلال الدماغي المصاحب لهذا المرض الذي يحدث بسبب تغيرات سلوكية شبيهة بالخرف الموجب للحجر على المريض بالايدز.
ولما كان مرض الايدز يأخذ حكم مرض الموت، حيث تتحقق فيه صفاته من عجز الإنسان عن قضاء حاجاته، وحياته تنتهي بالموت المحتوم المتصل به، لذلك يجوز الحجر عليه لمصلحة ورثته ودائنيه ولكن يثور تساؤل هل يحجر على مريض الايدز خلال مرضه ام يطعن في تصرفاته بعد موته؟ مرض الايدز قد يكون كامنا في الإنسان وبداخله اكثر من عشر سنوات ودون أن تظهر اعراض له ولكن المؤكد أن السنوات الخمس الأولى يبقى المريض سليما عاقلا وتصرفاته نافذة كذلك إذا شفي المريض مرض الموت (كالايدز) ان شفي من مرضه فتصرفاته نافذة، ولكن اعراض هذا المرض تتفاوت من شخص لآخر فإذا ظهرت أعراضه فللورثة الطعن في ذلك عملا بالمادة 942/2، 3 من القانون المدني ولذا يجوز الحجر على المريض بمرض الايدز لان ذلك المريض إذا أحس بدنو أجله وأنه سيرحل ويترك أمواله اختلت تصرفاته حينئذ اختلالا قويا الامر الذي يجعل تصرفاته قصد بها المحاباة لبعض الورثة او الاضرار بالبعض الآخر والغرماء فشرع الحجر عليه حماية لحقوق الوارثين والغرماء وهذا المرض لا يبقى على وتيرة واحدة فحالة المصاب في تطور إلى الأسوأ ولذا فان مرور سنة على اصابة المريض به وقعوده عن القيام بأعماله المعتادة لا ينفي كونه مرض موت ومن حق الورثة الحجر عليه وتعيين قيم على إدارة امواله وتختص المحكمة الكلية بالحكم ابتدائيا في تلك الدعوى عملا بالمادة 34/2 من قانون المرافعات المدنية كما أنه إلزام على النيابة العامة ان تتدخل في تلك الدعوى عملا بالمادة 338 من القانون 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية باعتبار أن مريض الايدز في حكم المعتوه وهو الشخص فاسد التدبير في أموره الشخصية والعامة. وفي النهاية فان تسلط الورثة على مورثهم المريض مرض الموت والذي قيس عليه مرض «الايدز» جاء لحفظ حقوقهم وليس تعديا على كرامة المريض وحقوقه، لذا فهو يتصرف في أمواله مادام حيا وعلى من واجه ضررا منها او تبذيرا ان يعترض على ذلك بإبطال ذلك التصرف وعدم نفاذه في حقه.
www.reya-center.com