كثرت في الآونة الأخيرة حوادث التجرؤ على رجال الأمن وهم بصدد تنفيذ القانون ولا أرى تبريرا لذلك إلا تفاهة العقوبة التي تعالجها النصوص القانونية، فلو كانت تلك النصوص فيها من الردع الكافي لما أقدم أي إنسان على المقاومة والتعدي على رجال الضبط، لأن احترام جهاز الأمن من احترام القانون ومن يقدم على الاستهزاء بالقانون فلاشك أنه لا يبالي بالعقوبة التي ستوقع عليه لعلمه بتفاهتها، لكن لو يعلم أن فيها من الردع والزجر الكافي له لما أقدم حتى على الاستهانة بالقانون ولا يمكن لأي شخص التذرع بجهله بالقانون لعلمه أنه مجموعة القواعد التي تهذب سلوك الأفراد في المجتمع وأنه عليه احترام تلك القواعد، أما الإساءة إليها فهو نوع من عدم الاكتراث بالعقوبة الموضوعة لاحترامه، وما دعاني لهذا السرد البسيط ما قرأته في جريدة «الأنباء» في عددها الصادر يومي 8 و9/12/2010 وذلك عندما توجهت مواطنة لمخفر الصليبخات وطلبت تسجيل قضية تحرش والشروع في خطفها وألقت الاتهام على جارها وعقب الإدلاء بأقوالها أصدر السيد وكيل النيابة قراره بضبط وإحضار ذلك المتهم وعقب ذلك توجه رجال المباحث حيث مسكن المطلوب القبض عليه لضبطه وإحضاره إلا أن المتهم عندما شاهد رجال الضبط لم يقم بتسليم نفسه وإبداء دفاعه لتبرئة نفسه بل قام بالاصطدام العمد وذلك بسيارته محدثا تلفيات بسيارة الشرطة فضلا عن أنه دخل منزله وإذا به يخرج منه حاملا سلاحا آليا (كلاشينكوف) مهددا به رجال الأمن الذين حضروا لتطبيق القانون بضبطه وإحضاره، وطلب منهم مغادرة المكان من أمام منزله وإلا فسيقوم بتصفيتهم جسديا، وبالاستعلام عن السجل الجنائي لهذا المتهم (المجرم) تبين أن سجله الجنائي متخم بالقضايا الجنائية وعقب قراءتي لهذا الموضوع انتابتني دهشة شديدة وتساءلت: ألهذا الحد وصلت الجرأة بشخص متهم الى أن يهدد رجال الأمن بسلاح آلي لكي لا ينفذوا عملهم؟ ألهذا الحد وصلت الأمور في بلدنا الى عدم الاكتراث بالقانون والقائمين على تنفيذه؟ لاشك أن غياب العقوبة الرادعة والفعالة هي المسؤولة عن ذلك التدني الأخلاقي الذي وصلنا إليه لأنه لو كانت العقوبة بالقدر اللازم لردع مثل هؤلاء الأشخاص الخارجين على القانون لما أقدم أحد منهم على الاستهانة بالقانون والقائمين على تنفيذه وأقول ان قانون الجزاء الكويتي لم يقف مكتوف الأيدي نحو تلك الشرذمة من المجرمين فقد تناولت المادة 180 من قانون الجزاء عقوبة الخطف المقترن بإلحاق أذى وأفرد لها المشرع عقوبة الإعدام إلا أن حالتنا اقتصرت على الشروع في الخطف والتحرش، الأمر الذي يعاقب عليه بالسجن المؤبد عملا بالمادة 46 من قانون الجزاء فضلا عما أحدثه المتهم من إتلافه مركبة النجدة عمدا وهو الأمر المجرم بالمادة 249/2 من قانون الجزاء والتي أفرد لها المشرع عقوبة الحبس التي لا تجاوز مدته سنتين إلا أنه لا يغيب عن الأذهان حيازة وإحراز المتهم لسلاح آلي (كلاشينكوف) دون ترخيص مخالفا نص المادة 2 من القانون رقم 13 لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر والتي أفرد لها المشرع عقوبة السجن مدة لا تزيد على 7 سنوات عملا بالمادة 21/2 من القانون نفسه فضلا عن مصادرة السلاح محل الجريمة ومقاومته لرجال الضبط لحظة القبض عليه وما ما جرمه قانون الجزاء الكويتي بنص المادة 135 من قانون الجزاء وذلك لمقاومته بالعنف والقوة لرجال الضبط وهو ما أفرد له المشرع الجزائي عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وهذه الجرائم جميعها التي ارتكبها المتهم انتظمها سلوك إجرامي واحد، الأمر الذي يتعين معه تطبيق أشدهما عقوبة وهي الشروع في الخطف ومحاولة التحرش بالمجني عليها والتي تصل عقوبتها للسجن المؤبد وأقول انه لابد من تدخل المشرع الكويتي تدخلا حاسما لوضع عقوبة لكل من تسول له نفسه الإساءة لجهاز الأمن ومحاولة التصدي له أثناء ممارسته لعمله وأثناء تطبيقه للقانون وأن تغلظ العقوبة على تلك الأفعال لتكون السجن بدلا من الحبس والتي أفردتها المادة 135 من قانون الجزاء حتى يشعر رجل الأمن وهو يقوم بواجبه نحو ضبطه لأي شخص خارج عن القانون بأن من يحاول منعه من هذا الواجب الأمني والوطني سينال العقوبة الرادعة. وذلك حتى يحس كل أفراد المجتمع بأن قدسية رجل الأمن هي من قدسية القانون الحامي له مادام يؤدي عمله على أكمل وجه وفي ظل دولة سيادة القانون والديموقراطية.