قد يبدو للقارئ لأول وهلة ما سبب التحذير من مساعدة فاعل الخير، فالمفهوم الطبيعي أن فاعل الخير يسدي خدماته دون مقابل وذلك لفك ضيق ألم بأي شخص وقع في حرج أو تعرض لمشكلة صادفته فوجد في طريقة من يساعده ويسدي له النصح دون مقابل بل لوجه الله تعالى، هذا هو المفهوم الدارج والطبيعي لفاعل الخير، إلا أن تغير الأيام بل وأقول تدني الأخلاق فضلا عن تغير التركيبة السكانية في مجتمعنا تجعلنا نحذر بوجوب اخذ الحذر من أي شخص يحاول إسداء المعونة أو الخير لنا.
وسبب عرضي لتلك الأسطر البسيطة ما قرأته في جريدة «الأنباء» في صفحتها الأمنية رقم 13 وذلك بعددها الصادر يوم 8/2/2011 أن وافدا إيرانيا تعطلت سيارته أثناء قيادته لها وذلك بالقرب من الدائري الثالث وكان ذلك في الساعة الثانية قبل الفجر وحاول عبثا إصلاحها لعله يجد سبيلا لتشغيلها إلا أن محاولته باءت بالفشل الأمر الذي جعله يقف في الطريق العام حيث البرد القارس والظلام الدامس لعله يجد سيارة أجرة تقله إلى حيث منزله إلا أن محاولته والساعة المتأخرة التي يقف فيها على هذا الطريق باءت بالفشل ايضا إلا أنه فوجئ بالفرج يأتي إليه ولعله فرج بل نكبة حلت عليه وهو لا يتوقعها في هذا الوقت من الليل، فقد فوجئ بسيارة سوداء من نوع فورد تقف بجانبه وعرض قائدها على الوافد الإيراني أن يقوم بتوصيله إلى حيث يريد الأمر الذي انفرجت بسببه أسارير الوافد لهذه المساعدة ولهذا الخير إلا أنه بعد استقلاله السيارة والسير بها نحو مائة متر فوجئ بقائدها يتوقف ويلتفت إليه ويخرج من بين طيات ملابسة (مسدسا) ويوجهه إليه طالبا منه أن يخرج ما في حوزته من مبالغ نقدية الأمر الذي أصاب الوافد بصدمة وتملكه في هذه اللحظة الخوف الشديد على حياته مما جعله يخرج محفظته التي كانت تحوي ثلاثمائة دينار ويقوم بتسليمها للسائق الذي أمره بالنزول وانطلق بسيارته تاركا الوافد بالطريق، فترجل إلى حيث مخفر الدعية مقدما بلاغا بالواقعة.
تلك هي الواقعة برمتها وما أن يطالعها أو يقرأها أي شخص حتى يسأل نفسه عما اذا كان هذا الخبر حقيقة أم مجرد فيلم أو تمثيلية عرضت في وسائل الإعلام لكن سيجد نفسه أمام حقيقة حدثت في مجتمعنا، وتساءلت: ألهذا الحد وصل التدني الأخلاقي في مجتمعنا؟ ألهذا الحد لا يأمن الناس على أموالهم في الطريق العام؟ كل هذا له إجابة واحدة وهي ضرورة الحذر وتوخي عدم الثقة اللازمة في أي شخص يعرض مساعدة علينا.
والمنظار القانوني لهذه الواقعة الغريبة والعجيبة على مجتمعنا المعروف بتقاليده وأخلاقه يفرض نفسه، فالبين أننا أمام واقعة سلب بالإكراه والقوة وفي الطريق العام وفي وقت متأخر من الليل وقد جرمها المشرع الجزائي في مادتيه (225 و226) من قانون الجزاء حيث أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة السجن التي لا تجاوز 15 عاما بحسبان وقوع الجريمة ليلا وفي الطريق العام ومن شخص يحمل سلاحا ظاهرا.
وفي نهاية مقالي أناشد الجميع ضرورة توخي الحذر والحيطة في أي مساعدة تقدم اليه لاسيما إذا كانت من أشخاص لا نعرفهم ولا تربطنا بهم أي صله سواء كانت في الطريق العام أو في حياتنا وذلك لانعدام الثقة والتدني الأخلاقي ليس لسبب وإنما لتغير التركيبة السكانية وظهور أنماط جديدة من الجريمة توجب علينا أن نكون على قدر من الحيطة، كما أناشد وزير الداخلية وهو من تلقى عليه مسؤوليات جمة الآن أن يوفر الحماية اللازمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء وذلك بتأمين الطرق العامة لاسيما الطرق الدائرية بوضع سيارة دورية نجدة تجعل من يسير ليلا سواء مترجلا أو بسيارته يأمن على حياته وذلك توقيا لوقوع أي ازمة او حادث لا سمح الله مستقبلا.
والله ولي التوفيق،،،
www.riyad-center.com