في جلسة «عدم التعاون» حسمت الحكومة النتيجة لصالحها بفارق بسيط، ولم تكن النتيجة مفاجأة لدى أغلبية المتابعين للساحة السياسية، بل السيناريو إعادة مكررة لاستجوابات سابقة من خلال توزيع الأدوار بين نواب الحكومة ويؤكد ذلك ما يقال من تصريحات بعد تقديم استجواب وزير الداخلية فهناك من يقوم بدور المحامى والمدافع عنها، ومنهم من يختصر دوره في التصويت فقط، كما أن هناك أدوارا محددة لوسائل الإعلام الموجهة للتأثير المباشر على الرأي العام وذلك من خلال طرح الرأي الأوحد والمؤيد للحكومة وعدم قبول أي رأي معارض، ولذلك فإن الحكومة لم تأت بجديد، بل على العكس كانت النتيجة مخيبة لآمال الحكومة ومؤيديها، وأعتقد أن الجديد تحقق للشعب الكويتي من خلال المكتسبات التي تحققت في ذلك الاستجواب ومنها ظهور قناتين فضائيتين جديدتين تعبران عن الرأي الآخر والرأي المفقود طوال المرحلة الماضية، وهما قناتا مباشر وكاظمة، وقد كشفت هاتان القناتان زيف وخداع القنوات الموجهة من قبل الحكومة حتى أصبح الكثير من أبناء الشعب يتابع الأحداث السياسية من خلال تلك القناتين في أغلب الأحيان.
وهناك أيضا مكتسب جديد يستحق الوقوف عنده وعدم تجاوزه وهو ظهور نخبة وطنية واعية استطاعت أن تتزعم وتقود الشارع من أجل تحقيق الإصلاح السياسي ومن أجل حرية الرأي والتعبير وذلك من خلال تدشين حملة شعبية تعرف بـ «السور الخامس» تهدف إلى الانتصار لكرامة الأمة والمحافظة على الدستور وذلك من خلال ترسيخ مبدأ العدل والحرية والمساواة بين أفراد المجتمع وكان لاختيارهم شعار «التعاون تهاون» دلالة واضحة على رفض التهاون في أي من المكتسبات الشعبية وكما أن لتزكية د.عبيد الوسمى أمينا عاما فخريا لتجمع «السور الخامس» دليلا واضحا على رفض مبدأ سياسة القمع والتفرقة العنصرية التي تتبعها الحكومة من خلال أدواتها المختلقة طوال المرحلة الماضية ورغم قلة الإمكانيات لدى هؤلاء الشباب إلا أنهم استطاعوا ومن خلال الاعتماد على الجهود الفردية أن يتم استنهاض الهمم وتحريك الشارع ودمج المجتمع في بوتقة واحدة ليتظلل تحتها كل فئات الشعب بعيدا عن الفروق والحواجز التي حاولت زرعها الحكومة من خلال أدواتها الإعلامية وليكونوا بحق أدوات فاعلة للتعبير والتغيير باعتبارهم شركاء حقيقيين في عملية البناء والتنمية في المجتمع وعلى الرغم من محاولة بعض وسائل الاعلام المستمرة للتقليل من الجهود التي بذلت من قبل هذا التجمع الوطني إلا أن النتائج التي تحققت خير شاهد على نجاح الفكرة وتميزها وكما أن أسوار الكويت الأربعة السابقة قد شيدت لحماية الوطن من أي عدوان خارجي فإن السور الخامس أنشئ لحماية الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية بعد أن أصبحت مستهدفة من قبل البعض لأغراض سياسية، وحفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.
[email protected]