مهاتير محمد هو الرئيس الاسبق لحكومة ماليزيا الذي تولى الرئاسة في العام 1981 وقاد حركة التنمية في بلاده من خلال رفع قيمة الصادرات وزيادة متوسط الدخل للفرد الماليزي وكذلك انخفضت البطالة في عهده الى اقل من 3%، وفي المقابل انخفضت نسبة الواقعين تحت خط الفقر إلى 5% من السكان بعد ان كانت نسبتهم تشكل 52%، واصبحت تجربة ماليزيا في النهضة الصناعية والعمرانية والسياحية مادة للدراسة من قبل الاقتصاديين في العالم.
واعتمد مهاتير على ركائز أساسية للنهوض ببلاده لكي تصبح في مصاف الدول المتقدمة، وفي مقدمة هذه الركائز التأكيد على الوحدة بين فئات الشعب حيث ينقسم سكان ماليزيا الى المالايا ويمثلون اكثر من نصف سكان الدولة، وهناك قسم آخر من الصينيين، بالاضافة الى بعض الاقليات الاخرى، ورغم وجود الاختلافات الدينية لديهم كالاسلام وهو دين الدولة وايضا وجود بعض الديانات الاخرى كالبوذية والهندوسية، الا انه نجح في توحيد جميع الاطراف تحت قيادته للتنمية.
وكانت الركيزة الثانية لخطة مهاتير هي تبني المنهج التنموي من خلال توفير مستويات عالية من التعليم والتكنولوجيا، وقام بإرسال البعثات التعليمية للخارج، كما قام ايضا بانشاء الجامعات الحكومية والخاصة والمتطورة وذلك لايمانه بقيمة العنصر البشري.
اما الركيزة الثالثة لخطة مهاتير فهي العمل على جذب الاستثمار نحو بلاده وتوجيه الأنظار إليها وأصبح النموذج الماليزي في عهد مهاتير معجزة بكل المقاييس في التطور على مستوى العالم.
اما حكومتنا فهي النقيض تماما للمشروع الماليزي حيث خالفت الركائز والمعايير التي رسمها مهاتير لبلاده، وذلك من خلال صمتها الغريب امام بعض وسائل الاعلام الفاسد وهي تعبث بالوحدة الوطنية وتفرق الشعب الكويتي الى فئات ومذاهب وطبقات، وصمتها هذا كان بمضمون الموافقة او الرضا، خاصة ان لنا في العراق ولبنان نماذج سيئة لهذا المسلك الرجعي.
وايضا وعلى عكس نهج مهاتير التنموي فإننا لا نملك الا جامعة حكومية واحدة فقط وقلة من الجامعات الخاصة المنشأة حديثا والتي لا يستطيع محدودو الدخل الالتحاق بها لتكلفتها العالية.
ولم تنته حكومتنا عند هذا الحد بل طاردت أبناءها الطلبة في الخارج ووضعت في طريقهم العراقيل والشروط التعجيزية، وكان آخرها الاشتراط على الجامعات في الخارج عدم قبول أكثر من 50 طالبا فقط، حتى ان كان الطالب منتسبا على نفقته الخاصة، ولا نعرف ما هو السبب الحقيقي من وراء هذا الشرط الغريب، علما أن التنمية الحقيقية والتي لا تفهمها حكومتنا هي التنمية البشرية التي تهدف الى تطوير قدرات الإنسان وتحريره من التخلف والجهل وهي التي تستهدف الإنسان وسيلة وموضوعا، وتجعله أداة وهدفا، وليست تنمية الأرصدة البنكية عند بعض المتنفذين بمليارات الخطة المزعومة، فهذا هو الفرق بين حكومة مهاتير محمد وحكومتنا المبجلة.
[email protected]