لاشك أن فشل الانقلاب في تركيا شكل للعرب الأحرار دفعة معنوية هائلة، والأسباب في ذلك متعددة، لكني سأذكر أهم ثلاثة أسباب من وجهة نظري الشخصية: السبب الأول هو: التوقيت، فالحدث جاء في وقت كان المشهد العام للشرق الأوسط يوحي بتقدم الثورة المضادة، وبأن المعركة ستعود لنقطة الصفر، وبالتالي إطالة أمدها، لكن الانقلاب الذي وأده الشعب التركي الحر، غيّر معادلة المعركة كليا، وأعاد ضبط ميزان القوى في الميدان.
السبب الثاني: هو تهافت مشروع إعلام الثورة المضادة في تزييف إرادة الشعوب وموقفها، فحجم التضامن الذي ناله الشعب التركي وحكومته الشرعية من الشعوب العربية- والإسلامية فاجأ الجميع، حتى الثوار العرب أنفسهم، ولقد رأينا كيف أن أغلب عناصر القوى السياسية العربية بمختلف توجهاتها شجبت الانقلاب، ودعمت الديموقراطية والشرعية، في مشهد يؤكد على النضج، وأن القوة الحقيقية تكمن في مكان آخر.
السبب الثالث: هو استمرار بقاء الدولة التركية بخطها الحالي، والذي يدعم كل مشاريع التغيير في العالم العربي، ويقف في صف الشعوب ومطالبها، لأن تركيا بدأت تفقد الأمل منذ سنوات في انضمامها للمجموعة الأوروبية، وكانت تعلم مسبقا أن الغرب لن يرضى باستمرار استقلاليتها السياسية والاقتصادية، وسيعمل على كبح جماحها في النمو والازدهار، لذلك رأت أن تعود لمد الجسور مع العالم العربي والإسلامي، والذي سيكون خير رافد لمشروعها، لما لهما من تاريخ مشترك وعقيدة مشتركة، وبما أن المستعمر الذي خط حدودنا الحالية يفضل بقاء الوضع الراهن فإن تركيا الطموحة تؤمن بالمستقبل، وتفضل التعامل مع الشعوب وممثليها القادمين.
tareqal7arbi@